اقتصاد

شركة نفط الكويت.. 90 عاماً من الريادة في استكشاف وإنتاج النفط والغاز

كرست جهودها لتعزيز احتياطيات الكويت من الموارد البترولية وزيادة مستوى الإنتاج

تصادف الاثنين الذكرى الـ90 لتأسيس شركة نفط الكويت نجحت خلالها في تحقيق الريادة بمجال استكشاف وإنتاج النفط والغاز وفي مجالات أخرى برز فيها التزامها بمسؤوليتها تجاه دولة الكويت والعالم باعتبارها شركة رائدة في قطاع النفط والغاز العالمي.

وعلى مدى تسعة عقود كرست الشركة جهودها لتعزيز احتياطيات دولة الكويت من الموارد البترولية وزيادة مستوى الإنتاج مما أسهم كثيرا في دعم الاقتصاد الوطني والمساهمة في مسيرة التنمية الوطنية.

وأولت الشركة اهتماما بالغا بتطوير الكفاءات البشرية سواء من العاملين لديها أو من أبناء المجتمع مع الحرص على حماية البيئة ودعم القطاعات المختلفة والعمل الدؤوب لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.

ورفعت الشركة على الدوام شعار الوقوف إلى جانب قيادة الكويت الحكيمة ومساندة مسيرتها التنموية وهو عهد لم تغفل عنه لحظة واحدة إذ عملت كوادرها على تحقيق هذا الالتزام بكل جد وإخلاص مما أثمر إنجازات متتالية ونجاحات بارزة حتى أصبحت الشركة نموذجا يحتذى في العمل والإنتاجية.

وأسست شركة نفط الكويت في 23 ديسمبر العام 1934 نتاجا لشراكة بين شركتين عالميتين هما (النفط الإنجليزية الإيرانية) المعروفة حاليا باسم (بريتيش بتروليوم) و(غالف للزيت الأميركية) التي تعرف اليوم باسم (شيفرون) ومنحت شركة نفط الكويت المحدودة لذلك العام امتياز التنقيب عن النفط في الكويت.

ومنذ اللحظة الأولى بدأت الشركة العمل على استثمار الثروة النفطية التي أنعم الله تعالى بها على الكويت مع الالتزام بالحفاظ عليها وتنميتها وفي العام 1936 حفرت الشركة أول بئر استكشافية في منطقة (بحره) لتضع بذلك الأساس لنهضة قطاع النفطفي البلاد.

وفي العام 1938 تحقق اكتشاف تاريخي مع العثور على النفط في حقل برقان الكبير الذي لا يزال حتى يومنا هذا يعد ثاني أكبر حقل نفطي في العالم كما أعقب هذا الإنجاز حفر ثماني آبار إضافية في الحقل نفسه مما عزز مكانة الكويت دولة نفطية بارزة.

ولم تكن مسيرة الشركة خالية من التحديات إذ أدت الحرب العالمية الثانية إلى توقف العمليات مؤقتا ومع انتهاء الحرب العام 1945 استأنفت الشركة نشاطها وبدأت مجددا مساعيها لتحقيق رؤيتها الطموحة.

وفي 30 يونيو 1946 حققت شركة نفط الكويت إنجازا تاريخيا تمثل في تصدير أول شحنة من النفط الخام كما شهد هذا الحدث البارز قيام المغفور له الأمير الراحل الشيخ أحمد الجابر الصباح بتدوير العجلة الفضية إيذانا بتحميل أول شحنة نفطية على متن الناقلة البريطانية (بريتيش فوسيلير) وتم ذلك من خلال تمديد أول خطوط بحرية لتحميل النفط مباشرة إلى الناقلات ما مهد الطريق لتصدير النفط الكويتي إلى العالم.

وكان ذلك اليوم نقطة تحول مفصلية في تاريخ الكويت إذ ساهمت عائدات النفط في وضع البلاد ضمن نادي الدول النفطية وأسهمت تلك العوائد جوهريا في تمويل مسيرة التنمية والتطوير والحداثة التي شهدتهاالكويت في العقود التالية.

وفي إطار تعزيز عملياتها وتوسيع بنيتها التحتية واصلت شركة نفط الكويت جهودها الاستراتيجية وكان من أبرز إنجازاتها إنشاء مدينة الأحمدي التي أصبحت بمرافقها الإدارية وورش العمل والمباني السكنية الخاصة بالشركة رمزا لشركة نفط الكويت خصوصا مع التطورات المتلاحقة التي جعلتها نموذجا للحداثة والتقدم.

وبعد استقرار شركة نفط الكويت إداريا في مدينة الأحمدي بدأت خطوات توسعية كبيرة على عدة مستويات ففي الفترة ما بين العامين 1951 و1953 امتدت عمليات التنقيب إلى منطقة المقوع حيث تم بدء الإنتاج من الحقل هناك ثم في ديسمبر 1955 حققت الشركة اكتشافا جديدا باكتشاف النفط في منطقة الروضتين شمال الكويت مما عزز مكانة الكويت دولة رائدة في إنتاج النفط.

ولم يقتصر توسع الشركة على الجانب الصناعي فقط بل شمل أيضا الجوانب الاجتماعية والثقافية ففي العام 1956 أنشأت الشركة معرضا متخصصا لعرض تاريخها وعملياتها وأدى هذا المعرض دورا محوريا في تعريف الجمهور بصناعة النفط والغاز وأهميتهما واستقطب على مدى عقود العديد من الشخصيات البارزة من ملوك وأمراء ورؤساء دول وحكومات.

وفي 27 أبريل 1960 دشنت شركة نفط الكويت مستشفى الأحمدي الذي شكل نقلة نوعية في تقديم خدمات الرعاية الصحية لموظفي الشركة وأفراد عائلاتهم وتم إنشاء هذا الصرح الطبي وفق أفضل المعايير المتاحة في ذلك الوقت ليكون نموذجا متقدما في تقديم الخدمات الصحية.

ومع مرور السنوات توسعت خدمات المستشفى تدريجيا لتشمل جميع العاملين في القطاع النفطي وعائلاتهم ثم امتدت لتقديم المساعدة لسكان مدينة الأحمدي ومحيطها ولم يقتصر التطور على نطاق الخدمات فقط بل شمل التخصصات الطبية.

وشهد منتصف سبعينيات القرن العشرين تحولا جذريا في مسيرة الشركة وبدأ هذا التغيير في العام 1974 عندما منحت دولة الكويت نسبة 60 في المئة من عمليات الشركة بموجب اتفاقية المشاركة التي أقرها مجلس الأمة الكويتي أما النسبة المتبقية وهي 40 في المئة فقد تقاسمتها شركة البترول البريطانية وشركة الخليج مناصفة.

وفي مارس 1975 اكتملت هذه المسيرة بتأميم الشركة كاملة إيذانا ببدء حقبة جديدة مشرقة في تاريخها وشكل هذا التحول التاريخي بداية عهد من العطاء والازدهار الذي استمر حتى اليوم معززا مكانة الكويت في قطاع النفط العالمي.

ومن النتائج الأولية لهذا الإنجاز كان وضع حجر الأساس لمشروع الغاز في ميناء الأحمدي في نوفمبر 1976 على يد المغفور له الأمير الراحل الشيخ صباح السالم الصباح طيب الله ثراه حيث افتتح المشروع بعد ثلاث سنوات ليكون إضافة استراتيجية لقطاع النفط والغاز في البلاد.

وشهد العام 1977 إنجازا آخر مع حفر أول بئر استكشافية عميقة في حقل برقان بعمق يصل إلى 20 ألف قدم مما عزز قدرة الكويت على الاستكشاف والإنتاج في الحقول النفطية الكبرى.

وتأثرت كل قطاعات دولة الكويت بالغزو العراقي الغاشم الذي تعرضت له البلاد في 2 أغسطس 1990 حيث واجهت شركة نفط الكويت توقفا شبه كامل في عملياتها اليومية ومع ذلك أظهر أبناء الشركة صمودا استثنائيا إذ بذلوا جهودا جبارة من مواقعهم المختلفة لحماية الثروة النفطية والحفاظ على الهيكل الأساسي للشركة وإمكاناتها.

وبعد تحرير دولة الكويت واصلت الشركة مقاومتها من خلال الاستجابة السريعة والفعالة للكارثة البيئية الكبرى التي أعقبت الغزو عندما فجرت القوات العراقية المنسحبة 727 بئرا نفطية في فبراير 1991 ما تسبب بإشعال أكبر حريق نفطي في التاريخ وتطلب استنفارا عالميا شمل مشاركة 27 فريق إطفاء دوليا إلى جانب الفريق الكويتي الذي كان له دور بارز في السيطرة على تلك الكارثة.

وعلى الرغم من حجم الدمار الذي لحق بمنشآت الشركة فإن شركة نفط الكويت أثبتت كفاءتها ونجحت في إخماد جميع حرائق الآبار في غضون 240 يوما فقط وهو إنجاز مذهل أدهش العالم.

وفي 27 يوليو 1991 سجلت الشركة إنجازا بارزا بتصدير أول شحنة من النفط الخام بعد التحرير تلا ذلك استئناف عمليات الحفر في حقل المقوع في 14 سبتمبر من العام ذاته.

وفي 6 نوفمبر 1991 شهدت الكويت يوما تاريخيا عندما قام الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح طيب الله ثراه بإطفاء آخر بئر نفطية مشتعلة وهي بئر (برقان 18) ليطوي بذلك صفحة مؤلمة في تاريخ الكويت ويفتح صفحة جديدة من الأمل والبناء.

ومنذ انطلاقها وضعت شركة نفط الكويت البيئة في صلب اهتماماتها إذ أنشأت سبع محميات وواحات طبيعية بين العامين 2004 و2016 وهي جهود مستمرة تسعى من خلالها إلى تعزيز الاستدامة البيئية في الكويت كما أطلقت العديد من المبادرات التي تجمع بين الأبعاد البيئية والاجتماعية وتشكل مدينة الأحمدي نموذجا حيا لهذه الجهود.

وفي العام 2005 أنشأت الشركة مستعمرة بحرية تعد الأولى من نوعها في العالم بين شركات النفط إذ تعكس هذه المحمية البحرية الفريدة التزام الشركة بتقديم حلول مبتكرة ومؤثرة للحفاظ على البيئة البحرية مما يبرز مكانتها كرائدة عالمية في مجال المسؤولية البيئية.

وفي أكتوبر 2012 افتتحت الشركة (مركز الكويت للحقول الذكية المتكاملة) برعاية وحضور رئيس مجلس الوزراء الراحل الشيخ جابر المبارك الحمد الصباح وكبار المسؤولين بالدولة ويعد هذا المركز خطوة رائدة أظهرت بوضوح رؤية الشركة المستقبلية التي استشرفت التحول الرقمي مبكرا مماعزز ريادتها في هذا المجال.

وعلى صعيد الاستدامة قادت الشركة جهودا كبيرة لخفض نسبة حرق الغاز في عملياتها إذ نجحت خلال أكثر من عقد في تقليل تلك النسبة من 17 في المئة إلى نحو 5ر0 في المئة فقط وعزز هذا الإنجاز النوعي مكانة الكويت في الشراكةالدولية لخفض حرق الغاز التي يشرف عليها البنك الدولي ومنح البلاد موقعا رياديا في هذا المجال عالميا.

وفي 26 أكتوبر 2016 دشنت الشركة مشروع سدرة 500 للطاقة الشمسية في حقل أم قدير الذي يهدف إلى توليد 10 ميغاوات من الكهرباء في خطوة مبتكرة تعد الأولى من نوعها لشركة نفطية في المنطقة.

وفي العام 2017 استكملت الشركة بنجاح العمليات الميدانية لمشروع المسح الاستكشافي الزلزالي ثلاثي الأبعاد في جون الكويت والمناطق المحيطة به قبل الموعد المحدد بشهرين وغطى المشروع الذي استغرق نحو سنتين مساحة 3300 كيلومتر مربع مما يمثل 19 في المئة من إجمالي مساحة دولة الكويت.

وفي 2018 حققت الشركة إنجازا مفصليا آخر باحتفالها بتصدير أول شحنة من النفط الخفيف وهذا المنتج الجديد فتح آفاقا أوسع للنفط الكويتي حيث مكن البلاد من دخول أسواق عالمية جديدة ما يعزز مكانة الكويت كلاعب رئيسي في أسواق الطاقة الدولية.

وعلى مدى تاريخها الحافل اقتصرت عمليات شركة نفط الكويت على الحقول البرية رغم وجود محاولات سابقة للاستكشاف البحري لكن العام 2019 شكل نقطة تحول حيث وقعت الشركة عقدا مع شركة (هاليبرتون) لتنفيذ مشروع الحفر والاستكشاف البحري معلنة بذلك انطلاق مرحلة جديدة في تاريخها.

وبدأ المشروع عمليات التنقيب عن النفط في المناطق البحرية ضمن الحدود الكويتية وحقق أولى إنجازاته هذاالعام باكتشاف نفطي جديد بعد خمس سنوات من العمل المستمر حيث تم اكتشاف أول مورد نفطي في مشروع الحفر الاستكشافي البحري في حقل النوخذة البحري.

وتشير التقديرات إلى أن هذا الحقل يحتوي على موارد هيدروكربونية تصل إلى 2.1 مليار برميل من النفط الخفيف و1ر5 تريليون قدم مكعبة قياسية من الغاز مما يمثل إنجازا استراتيجيا عزز مكانة الكويت في قطاع الطاقة العالمي.

وفي العام 2020 أحرزت الشركة تقدما نوعيا بإطلاق الإنتاج في مشروع النفط الثقيل بحقل جنوب الرتقة شمال الكويت الذي يعد المشروع الأضخم في تاريخ البلاد وأحد أكبر المشاريع في منطقة الشرق الأوسط ونجحت الشركة في تصدير أول شحنة من النفط الثقيل إلى الأسواق العالمية متحدية الظروف الصعبة التي فرضها انتشار جائحة (كورونا).

وفي عام 2022 احتفلت الشركة بوصول إنتاج منطقة شمال الكويت إلى 600 ألف برميل يوميا وأطلقت خريطة طريق طموحة تهدف إلى رفع الإنتاج إلى 800 ألف برميل يوميا بحلول العام 2026.

وتعمل الشركة حاليا على تنفيذ استراتيجيتها لعام 2040 التي تركز على تعزيز الكفاءة والإنتاجية إلى جانب استراتيجية التحول في الطاقة لعام 2050 التي تهدف إلى تحقيق معدل صفر من الانبعاثات الكربونية واستكملت الشركة أخيرا عملية الهيكلة الداخلية التي تساعدها في مواجهة التحديات المستقبلية والتطورات العالمية.

زر الذهاب إلى الأعلى