ثقافة وفن

باحثان متخصصان يؤكدان دور التعليم والتواصل الثقافي والمجتمعات القروية المنتجة في بناء الهوية الوطنية

ضمن احتفالية «الكويت عاصمة للثقافة والإعلام العربي 2025»

• التميمي: الحاجة المعيشية دفعت المجتمع نحو أنشطة اقتصادية تمحورت حول البحر وساهمت بتعزيز الاهتمام بالمعرفة

• الفرج: قرية الفنطاس كانت مجتمعاً منتجاً ومؤثراً وساهمت في إثراء الحياة الثقافية والاجتماعية

(كونا) – أكد الباحثان عامر التميمي والدكتور أحمد الفرج أن التعليم والتواصل الثقافي مع المجتمعات الأخرى كانا عاملين رئيسيين في بناء الهوية الوطنية الكويتية مشددين على أهمية إعادة قراءة التاريخ الكويتي بما في ذلك إبراز دور المجتمعات القروية المنتجة مثل قرية الفنطاس في مسيرة التنمية الثقافية والاجتماعية للبلاد.

جاء ذلك خلال الجلسة الثالثة التي أدارتها الدكتورة جميلة سيد علي في اليوم الأول من انطلاق الندوة الفكرية (الثقافة في الكويت قبل النفط) المقامة في فندق موفنبيك البدع ضمن احتفالية (الكويت عاصمة للثقافة والإعلام العربي 2025) برعاية وزير الإعلام والثقافة ووزير الدولة لشؤون الشباب عبدالرحمن المطيري.

وأكد الباحث الاقتصادي عامر التميمي أن الثقافة في أي مجتمع إنساني تتأسس بفعل التعليم والتلاقح الفكري والأدبي والفني مع المجتمعات الأخرى مبينا أن الكويت بدأت حياتها المدنية منذ أواسط القرن الثامن عشر وبنت علاقات مع بلدان الجوار مثل العراق وإيران ونجد والإحساء والبحرين إضافة إلى علاقات تجارية مع بلدان أبعد مثل الهند.

وأوضح التميمي أن الحاجة المعيشية وضرورة استمرار الحياة دفعت المجتمع الكويتي إلى ابتداع أنشطة اقتصادية تمحورت حول البحر خاصة الغوص والسفر مما أدى إلى تطور صناعة بناء السفن (البوم) وبروز مهن مثل (القلاليف) وهو لفظ يطلق على صانعي السفن الكبيرة والصغيرة الشراعية وصناع شباك الصيد والبنائين والصاغة مستلهمين خبراتهم من بلدان الجوار كالبصرة وبلاد فارس والبحرين.

وأضاف أن هذه الحرف ساهمت في تعزيز الاهتمام بالمعرفة والاطلاع مبينا أن الكويتيين كانوا ينتظرون وصول المجلات المصرية والعراقية والسورية رغم تأخرها لشهور كما سعى العديد منهم إلى استكمال تعليمهم في الخارج خاصة في العراق ومصر ولبنان وسوريا في مراحل التعليم الثانوي والجامعي.

وبين التميمي أن مدينة الكويت رغم صغر مساحتها وعدد سكانها استفادت من نعمة البحر الذي مكنها من التواصل مع مناطق ومدن قريبة وبعيدة موضحا أن هناك واحات خضراء في مناطق مثل الفنطاس وأبو حليفة والفحيحيل جنوبا والجهراء شمالا لكنها كانت محدودة السكان مقارنة بالمدينة.

وأشار إلى أن «الكويت أحيطت بالأسوار منذ تأسيسها وكان آخرها السور الثالث الذي بني عقب حرب الجهراء عام 1920 مما عزز حماية البلاد ورسخ ثقافة الانفتاح والتسامح مع المحيط الثقافي والاجتماعي».

وأكد أن مفهوم الثقافة يشمل التقاليد والقيم الاجتماعية والمحددات الدينية وقيم العمل والإنتاج والالتزام والمسؤولية الاجتماعية مبينا أن تحديات الحياة القاسية دفعت المجتمع الكويتي إلى ابتداع آليات اجتماعية واقتصادية ضمنت استمرار حياته قبل اكتشاف النفط.

من جانبه شدد الباحث في أدب الخليج الدكتور أحمد الفرج على أهمية إعادة قراءة تاريخ قرية الفنطاس وتسليط الضوء على دورها الحيوي في تاريخ الكويت إذ شكلت مجتمعا منتجا ومؤثرا أسهم في بناء الهوية الوطنية.

وتناول الفرج خمسة محاور أولها ملامح البيئة القروية في الفنطاس قبل النفط وأهمية موقعها ومزارعها ورحلات الغوص وأسماء الأسر القديمة فيها وتنظيمها الإداري.

أما المحور الثاني فسلط الضوء على المنارات الثقافية للقرية كالمساجد والكتاتيب ثم دخول التعليم النظامي في الخمسينيات إلى جانب دور الديوانيات وفرقة الفنطاس الغنائية في إثراء الحياة الثقافية والاجتماعية.

وفي المحور الثالث تناول الخصائص اللغوية لأهالي الفنطاس وفصاحة لهجتهم المحلية مع إبراز الأمثال الشعبية المستوحاة من البيئة الزراعية والطبيعية.

كما استعرض الفرج في المحور الرابع تراجم أعلام بارزين من الفنطاس خدموا الكويت في ميادين متعددة منها الزراعة والبحر والأمن والدعوة والتعليم والفن والدبلوماسية.

واختتم بالإشارة إلى أن اسم الفنطاس حاضر في الذاكرة الثقافية الكويتية سواء في دواوين الشعراء مثل صقر الشبيب وفهد بورسلي أو في إشارات بعض المؤرخين إضافة إلى حضورها في الدراما والمسرح الكويتي.

ويشمل برنامج الندوة ست جلسات فكرية صباحية ومسائية على مدى يومين بمشاركة نخبة من الأكاديميين والمفكرين من الكويت والوطن العربي الذين يتناولون محاور متكاملة تشمل التاريخ الثقافي والدور الاجتماعي والاقتصاد والتعليم والهوية وغيرها من العوامل التي شكلت ثقافة الكويت قبل التحول الاقتصادي الكبير. ويصاحب الندوة الفكرية معرض مصغر للحرف اليدوية التقليدية لفترة ماقبل النفط مثل حرفة السدو وحرفة القلاف (صناعة السفن) وركن لمطبوعات المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب الدورية ومجلة العربي

زر الذهاب إلى الأعلى