جهاز الكشف عن الكذب لا يكون صادقا بالضرورة
من منّا لم يشاهد في إحدى الأفلام البوليسية أو في إحدى المسلسلات المشوّقة محققاً وهو يُخضِعُ مشتبهاً به إلى جهاز كشف الكذب؟
تعود فكرة هذا الجهاز المعروف باسم “البوليغراف” الى عام 1895 عندما لجأ الإيطالي سيزاري لومبروسو إلى إناء مملوء بالماء كانت توضع فيه يد الشخص الذي يخضع للاستجواب. فإن ظهرت تموجات في الإناء فذلك كان يعني أنّ نبض الشخص قد تغيّر بفعل شعور ما.
أما في عام 1921، اخترع الشرطي جون لارسون الجهاز بشكله الذي نعرفه حاليا، وكان يعتمد على التغيرات البسيكولوجية والفيزيولوجية التي تظهر عند الشخص عندما يكذب. ومن هنا، كان يُقاس نفس الشخص وضغط دمه، وفقاً لـ «مونت كارلوا».
جهاز “البوليغراف”
جهاز “البوليغراف” معتمد من قبل أكثر من 20 دولة حول العالم بما فيها بريطانيا والولايات المتحدة حيث يسجل استخدام الجهاز مليونين ونصف مليون مرة في العام الواحد.
إلا أن الوثوق بالآلة بشكل مطلق هو أمرٌ يشكك فيه الكثير من العلماء والمتخصصين. فجهاز “البوليغراف” يقيس التغيرات الفيزيولوجية التي تطرؤ على الجسم وفِي هذه الحالة تتعلق بمعدل التنفس والنبض ومستوى ضغط الدم، فضلا عن الاستجابة الجلدية الكهربائية.
ووفق بعض العلماء، يمكن للأشخاص الذين تمرّنوا على الكذب أو بإمكانهم السيطرة على مشاعرهم أن يغشّوا الآلة. وهو حال الدريش ايمز، العميل لدى الكي.جي.بي الروسي، الذي كان يعمل في وكالة الاستخبارات الاميريكية. وكان ايمز قد خضع مرتين إلى جهاز كشف الكذب دون التمكن من معرفة حقيقة أنه كان عميلاً يعمل لصالح الروس.
البحث عن أساليب جديدة لكشف الكذب
لهذا السبب، يتم البحث عن تقنيات أخرى قد تكون أكثر فعالية في الكشف عن الكذابين كاللجوء إلى جهاز ال.إم.آر.إي الشعاعي أو حتى تحليل الصوت والكلام. فقد يدل الكلام القليل وإنهاء الجملة بطريقة تصاعدية في نبرة الصوت على أن الشخص لا يثق بنفسه، وربما يكذب.
ومنذ أكثر من قرن يحاول العلماء ابتكار سبل جديدة وناجعة للوصول إلى الحقيقة. وفي نفس الوقت، في حال لم يتمكنوا من التوصل الى ذلك، فهذا الأمر سيعكس بعضا من خصائص العقل البشري التي لا تزال مجهولة.