محليات

مشعل الهدهود: القيادة تحت تأثير المخدرات سلوك مزدوج الخطورة

(كونا) – تتعدد حوادث الطرق باختلاف اسبابها وكيفية حدوثها ولكن شعورنا بالالم يزداد مرارة عندما نسمع أو نرى ما تخلفه حوادث المرور الناجمة عن تعاطي قائد المركبة للمخدرات أو المؤثرات العقلية من وفيات وأضرار وآثار مادية ونفسية وصحية فمحور هذه المعادلة يدور تحديدا حول شريحة الشباب ممن يقعون في دوامة آفة المخدرات ويتسببون بالاذى لانفسهم وللآخرين.

ومن أبرز دلالات آثار تلك الحوادث هي ما تستقبله أقسام العظام من كسور وحالات ناجمة عن حوادث المرور تحت تأثير المخدرات والمؤثرات العقلية والتي باتت توصف بأنها كسور معقدة وغير مسبوقة ولا تنسجم مع طبيعة المعدلات العادية في البلاد.

‎وفي هذا السياق، قال رئيس قسم جراحة العظام في مستشفى الرازي الاستشاري الدكتور مشعل الهدهود إن «القيادة تحت تأثير المخدرات والمؤثرات العقلية باتت من الأسباب الرئيسية في أغلب حالات الحوادث التي نستقبلها يومياً».

‎وأضاف الهدهود أن هناك الكثير من الحوادث سببها العنف والسلوك العدواني الذي ينتج عن تناول المخدرات والتي تؤدي بدورها إلى نتائج وخيمة سواء للمتعاطي الذي يقود السيارة ويتعرض لحادث بسبب فقدان التوازن أو يتسبب بحوادث لأشخاص آخرين لا ذنب لهم سوى أنهم جاءوا في المكان والزمان الخاطئين لدى ذهابهم إلى العمل أو المدارس أو الجامعات وما إلى هنالك.

وأشار إلى أنه على الرغم من أن (الرازي) يعد مستشفى تخصصيا وليس مركز حوادث أوليا بمعنى «أننا نستقبل الحالات التي تلقت علاجها في المراكز الصحية والمستشفيات التابعة لوزارة الصحة فإننا لاحظنا ارتفاعا في عدد الحوادث التي نستقبلها ولاسيما التي ترتبط بتعاطي المخدرات او المؤثرات العقلية».

‎وذكر أن متوسط الأعمار في تلك الحوادث هي من 18 حتى 37 عاما وللأسف هناك نسبة كبيرة من هذه الحالات كانت تحت تأثير المخدرات والمؤثرات العقلية موضحا أن هناك صعوبة «تعترضنا في إثبات وجود نسبة المخدرات في جسم المريض وهناك حاجة إلى تشريعات وقوانين تساعدنا في ذلك».

‎وتمنى الهدهود أن تكون هناك مساحة أكبر للطاقم الطبي في التعامل مع المرضى المتعاطين في إطار قانوني لا يتعدى على حقوق الإنسان بغية تحقيق تكاتف الجميع في القضاء على آفة المخدرات علاوة على توجيه المريض إلى المراكز المتخصصة بعد تلقيه العلاج.

‎وبين أن مستشفى الرازي يستقبل يوميا ما بين 4 و7 حالات كسور ويتولى قسم جراحة العظام إجراء عمليات كسور يوميا كما أجرى القسم 1422 عملية من الكسور المعقدة خلال 7 أشهر نسبة كبيرة منها كانت بسبب الحوادث المرورية.

‎وقال إن قسم جراحة العظام في مستشفى الرازي يحتوي على 8 وحدات تخصصية منها العمود الفقري وإصابات الطب الرياضي والكسور والقدم والكاحل وتبديل المفاصل والأورام والأطفال والتشوهات لكن بسبب ارتفاع حالات الكسور ولأن نسبة الحوادث المرورية لدينا مرتفعة جدا يجري أطباؤنا في وحدة الكسور المعقدة عمليات يوميا حتى «وإن اضطررنا أحيانا لتأجيل العمليات الباردة وذلك لانهاء معاناة مرضى الكسور الذين لا تتحمل حالاتهم أي تأجيل».

‎وأشار الهدهود إلى أن الأعمار الصغيرة‎ هي النسبة الأكبر التي نستقبلها وللأسف تكون إصاباتها بليغة جدا مثل النزيف بالرأس والإصابة بالمخ والأعصاب مما يؤدي إلى خلل بالأطراف في بعض الأحيان علاوة على إصابات في البطن والحوض.

وذكر أن نسبة كسور الحوض في الكويت 5.4 في المئة وهي بلا شك مرتفعة جداً مقارنة بعدد السكان ومساحة الكويت، مبيناً أن هذه الكسور التي تندرج تحت الكسور المعقدة أي بمعنى أن المريض لديه كسور متعددة في أكثر من ثلاث مناطق بجسمه أو لديه كسور في مناطق صعبة بالجسم.. ويحتاج هؤلاء المرضى الى تأهيل قد يأخذ وقتا طويلا من ثلاثة إلى ستة أشهر بالإضافة الى حالتهم النفسية.

‎وأضاف الهدهود أنه تمت أيضا ملاحظة ارتفاع حالات الكسور المعقدة لمرضى أعمارهم تتراوح ما بين 18 و23 جراء الحوادث المرورية أدت إلى اجراء عمليات تبديل المفاصل «في حين كنا نقوم بالسابق بهذا النوع من العمليات للمرضى الأكبر سناً».

‎وحذر من أن الكسور المعقدة خصوصا في منطقة الحوض والفخذ قد تنتهي بنسب متفاوتة من الاعاقة الدائمة مما يتسبب بمعاناة كبيرة للفرد نفسه ولأفراد أسرته «ونحن كأطباء نعمل جاهدين بكل ما لدينا على إعادة ترميم العظم وباقي الأنسجة لكن هناك حالات من قوة الكسور تخلف إعاقات دائمة إضافة إلى الإصابات غير العظمية كالنزيف بالمخ وفي البطن والرئة».

وقال إن الحادث المروري أشبه بمثلث أضلاعه تتوزع على السلوك البشري الذي يندرج تحته تعاطي المخدرات والضلع الثاني هو سلامة الطرق أما الضلع الاخير والأهم فيتمثل بالقوانين المرورية والمخالفات.

‎وأشار إلى نجاح تجربة بعض الدول في رفع قيمة المخالفات وتغليظ العقوبات باعتبار ذلك من الحلول الناجعة لضبط الاستهتار بالشوارع حفاظا على سلامة البشر وأرواحهم.

‎وطالب الهدهود بوجود قاعدة بيانات (Registry) تضم إحصائيات دقيقة‎ بعدد الحوادث وأسبابها والإصابات والوفيات وأسبابها «لأن الأعداد والنسب ليست متطابقة فالذي يتوفى في الشارع بسبب حادث مروري ‎لا يندرج تحت مسمى وفيات وزارة الصحة بل عن طريق الأدلة الجنائية والذي يتوفى في أحد المستشفيات بسبب الحوادث ايضا لا يندرج في الوفيات التي تدونها وزارة الداخلية».

زر الذهاب إلى الأعلى