مقتل مشجعة بالمغرب وأعمال شغب وجرحى في تونس… نهاية أسبوع أليمة لكرة القدم الأفريقية
تأهل الأهلي المصري والترجي التونسي إلى نصف نهائي دوري أبطال أفريقيا لكرة القدم السبت على حساب الرجاء البيضاوي المغربي وشبيبة القبائل الجزائري. وشهدت مباراة الأهلي والرجاء أحداثا مؤسفة وأليمة بعد مقتل مشجعة رجاوية إثر تدافع كبير للمشجعين من أجل دخول الملعب لحضور المباراة. فيما اندلعت أحداث شغب عنيفة من جماهير الترجي وعلى ملعبه في رادس أدت إلى تأخير انطلاق شوط المباراة الثاني، وسقوط عدد كبير من الجرحى. وفتحت السلطات في كل من تونس والمغرب تحقيقات قضائية لمعرفة ملابسات تلك الحادثتين، وفقاً لـ «فرانس24».
شهدت مباريات نهاية الأسبوع يوم السبت في دوري أبطال أفريقيا بين الترجي التونسي وشبيبة القبائل الجزائري، وبين الأهلي المصري والرجاء البيضاوي المغربي أحداثا مؤسفة وأليمة لجماهير كرة القدم.
ففي مباراة الأهلي والرجاء، لقيت “نورة” (29 عاما) مشجعة النادي المغربي مصرعها في محيط ملعب الملك محمد الخامس بالدار البيضاء، وجرح العشرات نتيجة التدافع وسوء تنظيم عملية دخول الجماهير لمتابعة مجريات المباراة التي انتهت بالتعادل السلبي بين الفريقين وتأهل الأهلي المصري للدور نصف النهائي بعد فوزه في القاهرة بهدفين بدون رد.
وجرى نقل الضحية على وجه السرعة إلى المستشفى الجهوي مولاي يوسف لتلقي الإسعافات اللازمة لكنها كانت قد لفظت أنفاسها الأخيرة. وتم فتح بحث من قبل المصالح المعنية تحت إشراف النيابة العامة المختصة، للكشف عن ظروف وملابسات الحادث.
وتوجهت أصابع الاتهام إلى شركة “كازا إيفنت” (Casa Event) ومعها المكلفون بتنظيم الدخول إلى ملعب محمد الخامس بخصوص الأحداث المؤسفة التي شهدها محيط الملعب، قبل وبعد المباراة. وشهد محيط الملعب حالة من الفوضى قبل ساعات من بداية المباراة، نتيجة التدافع الشديد للجماهير العالقة خارج الملعب والممنوعين من دخول الملعب على الرغم من حصولهم على تذاكر المباراة، وتدخل قوات الأمن لتفريقهم بواسطة خراطيم المياه واستخدام القوة وهو ما أدى إلى وفاة المشجعة المغربية. ولم يتمكن الآلاف من مشجعي الرجاء من دخول الملعب بدعوى أن المدرجات امتلأت عن آخرها، وهو الأمر الذي رفضوه مطالبين بحقهم في دخول الملعب بالتذاكر التي اشتروها مسبقا لحضور المباراة. وكانت المدرجات قد غصت بعدد كبير من الجماهير قبل بداية المواجهة فيما كان آلاف آخرون عالقين خارج الملعب.
وحمّل العديد من الجماهير المسؤولية إلى شركة “كازا إيفنت” (Casa Event) المكلفة بعملية مراقبة عمليات دخول الملعب والسلطات الأمنية؛ إذ لم يتم التشدد في مراقبة التذاكر بواسطة الأجهزة الإلكترونية التي تكشف التذاكر المزورة، ما سمح بدخول العديد من المشجعين غير الحاملين للتذاكر الأصلية.
فيما قال محمد بوزفور، الخبير المغربي في الأمن الرياضي، في تدوينة على حسابه الشخصي على فيس بوك إنه على الجهات المعنية تحديث آليات دخول الملاعب، وفي مُقدمتها نظام التذاكر، وتابع بالقول: “في الوقت الذي ما زالت فيه منظومة تدبير المنافسات الرياضية المحلية والقارية تتبنى في غالب الحالات نظاما للتذاكر ينتمي لزمن الثمانينيات”.
وأكمل بوزفور: “بعيدا عن استباقِ نتائجِ الأبحاثِ وخُلاصات القضاء المغربي، وكخبير مُختص، أقولُ للمرة المليون، إذا كنا نملك في المستقبل القريب نظامًا إلكترونيًا للتذاكر الاسمية والذكية، يعتمدُ على إدلاء المتفرج بالبطاقة الوطنية بمناسبة المباريات التي تعرف إقبالا جماهيريا كبيرا، يُمكننا أن نضبط آنذاك المجال التنظيمي لولوج الملاعب على الصعيد التقني”. وشدد بوزفور على أن الأنظمة الذكية لن تسمح بولوج الملاعب للأشخاص المسجلين ضمن أصحاب السلوكيات العدوانية وكذا المبحوث عنهم، مؤكدًا أن كل ذلك سيقضي بشكل نهائي على الازدحام والتدافع وسقوط الضحايا وتزوير التذاكر.
ردود فعل الصحافة العالمية
عنون عدد كبير من الصحف العالمية على هذه الفاجعة، وتطرقت معظم الصحف الفرنسية والإسبانية والبريطانية المختصة في الرياضة وغيرها، إلى القضية التي اهتزت لها الدار البيضاء، في الوقت الذي يترشح المغرب لاستضافة بطولة كروية استثنائية وهي مونديال 2030. وربط الكثير من المتتبعين بين الحادث المأساوي، وتضرر صورة المغرب الخارجية.
صحيفة ميرور الإنكليزية: “وفاة مشجعة كرة قدم، 29 عاما، إثر سحقها خارج أرضية الملعب في ربع نهائي دوري أبطال أفريقيا”. وأفردت صحيفة تايمز البريطانية عنوانا مفاده: “في المغرب توفيت امرأة إثر تدافع جماهيري خلال مباراة لكرة القدم في الدار البيضاء”. وعلقت صحيفة الغارديان البريطانية على الحادثة، قائلة: “وفاة مشجعة بشكل مأساوي، متأثرة بجراحها بسبب تدافع الجماهير في ربع نهائي دوري الأبطال”.
بينما قالت صحيفة يونيتل الإسبانية: “وفاة امرأة في أحداث مباراة كرة قدم”، ووصفت تنظيم دخول المشجعين “بالفاضح”، وأن العديد من الجماهير لم يتمكنوا من الوصول إلى الملعب على الرغم من امتلاكهم للتذاكر.
وقالت صحيفة لوباريزيان الفرنسية: “حادثة قبل مباراة في بطولة أفريقيا في المغرب، موت امرأة”، مضيفة: “لم يتمكن مشجعو الرجاء من الوصول إلى الملعب رغم امتلاكهم للتذاكر. في المقابل العديد من المتفرجين تمكنوا من دخول الملعب بدون تذكرة”.
أحداث شغب في تونس
وفي تونس، تخللت مباراة الترجي التونسي على ملعب رادس مع شبيبة القبائل الجزائري في إياب الدور ربع النهائي لدوري أبطال أفريقيا، أعمال شغب عنيفة من مشجعي الترجي في فترة الاستراحة قبل بداية الشوط الثاني تسببت في تأخير انطلاقة الشوط ووقعت اشتباكات بين جماهير الترجي وقوات الأمن، وألقى مشجعون الشهب النارية “الشماريخ”، وردت الوحدات الأمنية بإطلاق الغاز المسيل للدموع.
وودع شبيبة القبائل البطولة، بعد خسارته ذهابا بهدف بدون رد وتعادله في رادس إيجابيا بهدف لكل فريق. ووصف نادي الشبيبة الأحداث “بجحيم رادس”، مؤكدا أنه سيقدم تقريرا مفصلا في الساعات القادمة إلى الاتحاد الافريقي لكرة القدم (الكاف).
وأوضح النادي الجزائري في بيان نشره بصفحته على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك تبعا لما سماه “أحداث العنف الخطيرة التي شهدتها مدرجات ملعب رادس”، خلال فترة الراحة بين الشوطين، أنه أبلغ المسؤولين الرسميين بهذه الأحداث عند اندلاعها. وبرر شبيبة القبائل هذا الموقف، بسبب “ما وصفه بالمعاملة العدائية تجاه جماهيره وتعرض عدد منهم لاعتداءات نتج عنها تسجيل إصابات في صفوفهم، واندلاع حرائق في مدرجات مشجعي الترجي، وإلقاء المقذوفات والألعاب النارية من جميع الأنواع التي غمرت الملعب، واستخدام الغاز المسيل للدموع من قبل الأمن المحلي مما سبب صعوبة في التنفس”.
بيان شبيبة القبائل عن أحداث رادس
وأكد البيان أن مسؤولي (كاف) أصروا على استئناف اللعب مهددين شبيبة القبائل بعقوبات في حال رفض اللاعبين العودة لأرضية الملعب، بحجة أن العنف مقتصر على المدرجات وليس له أي تأثير على أمن المتواجدين على أرض الملعب، وأن الوضع تحت السيطرة.
فيما أذنت النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية في محافظة بن عروس بتونس العاصمة لأفراد الشرطة العدلية بالتحفظ على 66 شابا، وذلك على خلفية الأحداث في ملعب رادس، وشملت قرارات السلطات الأمنية في تونس التحفظ على 48 شخصا أعمارهم فوق 18 عاما نُسِبت إليهم تهم قذف الحجارة وإحداث الشغب وإضرام النيران داخل الملعب، بالإضافة إلى 12 قاصرا تتراوح أعمارهم بين 16 و17 عاما، كما تقرر التحفظ على ستة أشخاص آخرين لمدة 48 ساعة قابلة للتمديد بسبب تزييف بطاقات دخول للملعب وحيازة سلاح أبيض بدون ترخيص ومواد مخدرة.
من جهته، شدد وزير الداخلية كمال الفقي على ضرورة فتح تحقيق وكشف جميع ملابسات الأحداث التي جدت مساء السبت، بملعب حمادي العقربي برادس الذي استضاف لقاء الترجي الرياضي التونسي وشبيبة القبائل الجزائري، وإقدام مجموعة من الأشخاص على خلع مستودع بمحيط الملعب واستعمال المعدات الموجودة داخله في الاعتداء على الوحدات الأمنية الموجودة بهدف تأمين المنشأة، وفق بلاغ إعلامي صادر عن وزارة الداخلية التونسية على صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك.