الكويت تحتفل غداً بالذكرى الـ62 للاستقلال ونهضة الدولة الحديثة كاملة السيادة
(كونا) – يمثل يوم التاسع عشر من يونيو عام 1961 مرحلة فاصلة من تاريخ الكويت ومسيرتها التنموية، متمثلاً في توقيع وثيقة استقلالها وإلغاء اتفاقية الحماية مع الحكومة البريطانية، لتنطلق بعدها إلى بناء دولة تتمتع بحرية القرار والسيادة الكاملة على مواردها ومقدراتها.
وشهد ذلك اليوم إعلان أمير الكويت الراحل الشيخ عبدالله السالم الصباح انتهاء معاهدة الحماية البريطانية، من خلال توقيع وثيقة استقلال البلاد مع المندوب السامي البريطاني في الخليج العربي السير جورج ميدلتن نيابة عن الحكومة البريطانية.
ومنذ ذلك اليوم المشهود في تاريخ الكويت الذي ودعت فيه مرحلة سطر الآباء والأجداد خلالها أمجادها بكفاحهم في سبيل العيش الكريم والذود عن حمى الوطن، دخلت الكويت مرحلة جديدة تنضم من خلالها إلى العالم المستقل وتساهم في صنع السلام وحضارة الإنسان وتتبوأ مكانة مرموقة على الصعد الإقليمية والعربية والعالمية.
وحققت البلاد على مدار السنوات الـ62 إنجازات متميزة على الصعد كافة، وفق خطط استشرافية أدركت متطلبات البلاد وأبنائها من التنمية والتطوير والازدهار، وأسهمت في أداء دور محوري في الملفات الإقليمية والدولية التي اضطلعت بها كما أصبحت محط أنظار العالم في المساعدات الإنسانية.
وتستمر الكويت تحت ظل القيادة الحكيمة لسمو أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد وسمو نائب الأمير وولي العهد الشيخ مشعل الأحمد، في مسيرة التنمية والإعمار على الصعيد الداخلي وفي مسيرة الدبلوماسية الوقائية ونزع فتيل الأزمات وحل القضايا العالقة إقليمياً ودولياً.
وبعد توقيع وثيقة الاستقلال في 19 يونيو عام 1961 وجّه الشيخ عبدالله السالم الصباح كلمة خالدة إلى الشعب الكويتي قال فيها «شعبي العزيز.. إخواني وأولادي .. في هذا اليوم الأغر من أيام وطننا المحبوب.. في هذا اليوم الذي ننتقل فيه من مرحلة إلى مرحلة أخرى من مراحل التاريخ ونطوي مع انبلاج صبحه صفحة من الماضي بكل ما تحمله وما انطوت عليه لنفتح صفحة جديدة تتمثل في هذه الاتفاقية التي نالت بموجبها الكويت استقلالها التام وسيادتها الكاملة».
وبعد نحو ثلاث سنوات من توقيع تلك الوثيقة صدر مرسوم في 18 مايو عام 1964 بدمج العيد الوطني بعيد الجلوس وهو ذكرى تسلّم الشيخ عبدالله السالم الصباح مقاليد الحكم في البلاد الذي يصادف 25 فبراير من كل عام.
وسبق التوقيع على وثيقة الاستقلال خطوات مدروسة من الشيخ عبدالله السالم الصباح منذ توليه مقاليد الحكم عام 1950 إذ عمل على تحقيق الاستقلال وإعلان الدستور خصوصاً أن البلاد كانت في تلك الفترة مهيأة للتطور في مختلف المجالات.
وشهد عام الاستقلال صدور مرسوم أميري بشأن العلم الكويتي وهو أول علم يرفع بعد الاستقلال وتم تحديد شكله وألوانه في حين جاءت الخطوة التالية عقب الاستقلال بتقديم الكويت طلبا لجامعة الدول العربية فتم قبول عضويتها في 16 يوليو 1961.
وفي 26 أغسطس عام 1961 صدر مرسوم أميري بإجراء انتخابات المجلس التأسيسي تحقيقا لرغبة الشيخ عبدالله السالم بإقامة نظام حكم قائم على أسس واضحة ومتينة وإصدار دستور يستند إلى المبادئ الديمقراطية، إذ أنجز المجلس المنتخب مشروع الدستور الذي تضمن 183 مادة خلال تسعة أشهر.
واتسم دستور الكويت بروح التطور التي تقدم للشعب الكويتي الحلول الديمقراطية للانطلاق في درب النهضة والتقدم والازدهار والذي مكن البلاد من انتهاج حياة ديمقراطية مستمدة من ذلك الدستور المتكامل الذي أقره مجلس تأسيسي منتخب من أبناء الكويت.
وكان عهد الشيخ عبدالله السالم الذي امتد 15 عاماً من السنوات البارزة في تاريخ الكويت وأطلق عليه لقب «أبو الاستقلال» و«أبو الدستور» نظراً إلى جهوده المضنية وإنجازاته الكبيرة وحكمته السديدة لنيل الاستقلال.
وبدأت الكويت في تلك الحقبة بوضع القوانين والأنظمة التي خطت بها نحو الاستقلال الكامل فأنجزت 43 قانوناً وتشريعاً مدنياً وجنائياً منها قانون الجنسية وقانون النقد الكويتي وقانون الجوازات وتنظيم الدوائر الحكومية، إضافة إلى صدور مرسوم أميري بتنظيم القضاء وجعله شاملا لجميع الاختصاصات القضائية في النزاعات التي تقع في البلاد.
وانضمت الكويت عقب الاستقلال إلى عضوية العديد من المنظمات والمؤسسات الإقليمية والدولية، فضلاً عن الحضور الفاعل في العديد من الفعاليات الإقليمية والعربية والعالمية.
وكانت البلاد قبل الاستقلال زاخرة بالعديد من الإدارات المنظمة جيداً والمهيأة على مستوى البنية الهيكلية لمزيد من التوسع والتطوير كإدارات الأشغال العامة والصحة العامة والمطبوعات والنشر، إضافة إلى المعارف والبلدية والبريد والهاتف والكهرباء والماء والشؤون الاجتماعية والأوقاف والإذاعة والتلفزيون.
وسارت الكويت عقب الاستقلال بخُطى ثابتة تجاه النظام العالمي الجديد والشرعية الدولية برفض العدوان وحماية حقوق الإنسان والمحافظة على خصوصية الدول وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى، كما آمنت بدور الأمم المتحدة في الحفاظ على الأمن والسلام الدوليين.
وتشهد الكويت بعد مرور 62 عاماً على الاستقلال حراكاً مستمراً على مستوى الخطط والاستراتيجيات يستهدف تعزيز عملية التنمية والتطوير على الصعيد الداخلي، فيما تواصل على الصعيد الخارجي نهجها المعتدل والمتزن الساعي إلى تحقيق الدبلوماسية الوقائية والعمل مع الدول الشقيقة والصديقة على منع نشوب الخلافات والحروب وحل المشكلات بالطرق السلمية.