محليات

برامج «البودكاست».. من المحتوى الثقافي الترفيهي إلى منابر انتخابية

أصبحت شكلاً من أشكال الدعاية الانتخابية لسهولة الوصول للجماهير المستهدفة

ساهمت التطورات التي يمر بها المشهد الإعلامي الحالي في إحداث تغيرات سريعة في صناعة المحتوى الإعلامي، لاسيما في الفترة الأخيرة التي صاحبت نشر مرسوم دعوة الناخبين لانتخاب أعضاء مجلس الأمة 2024 في الجريدة الرسمية «الكويت اليوم» بتاريخ 3 مارس الماضي، حيث توجّه مرشّحون الى الظهور في منصات «البودكاست» للترويج عن حملاتهم وبرامجهم الانتخابية في طريق الوصول الى المقعد الأخضر في قاعة «عبدالله السالم».

وفي هذا الشأن أجمع عدد من الأكاديميين وأصحاب منصات «البودكاست» في تصريحات متفرقة، على أن اللقاءات الحوارية في برامج «البودكاست» تصدرت عالم صناعة المحتوى وساهمت بالتأثير على الرأي العام وتوجيهه خلال فترة الانتخابات.

ورأوا أن هذه البرامج استطاعت مساعدة المرشحين على استقطاب أكبر عدد من الناخبين بسبب المزايا العديدة ومن أبرزها اتساع مساحة الحرية وعدم الالتزام بوقت محدد عند تسجيل الحلقات الحوارية وانخفاض التكلفة المادية وسهولة الوصول لجميع الفئات العمرية ومختلف شرائح المجتمع.

وحول أسباب توجه مرشحين لبرامج «البودكاست» قال أستاذ الاعلام في جامعة الكويت الدكتور فواز العجمي لـ «كونا» إن اهم أسباب توجه المرشحين إلى برامج «البودكاست» هي عدم الحاجة للالتزام بوقت محدد في الحديث عن السيرة الذاتية للمرشحين وبرامجهم الانتخابية والابتعاد عن بعض القيود فضلا عن سياسة المؤسسة الإعلامية.

وأضاف «لذلك اتجه غالبية المرشحين إلى النشر الالكتروني لتنوع طبيعة الجمهور المتلقي وسرعة الوصول لردة فعل الجمهور وإمكانية أرشفة جميع الخطابات والرسائل الإعلامية بالإضافة الى القدرة على تجزئة المقابلة الى عدة أجزاء والخروج ببعض اللقطات التي يمكن استخدامها في منصات التواصل الاجتماعي لنشرها بشكل أوسع للفئات المستهدفة»، موضحا أن هذه المميزات غير متوفرة في الصحافة الورقية والإذاعة والتلفزيون التقليدي.

وبالسؤال عما إذا ساهمت برامج البودكاست في انتشار المرشحين في أوساط المجتمع أجاب الدكتور العجمي بأن «اختيار البودكاست المناسب للفئة المستهدفة المناسبة بلا شك سيؤدي الى تحقيق اهداف الحملة الانتخابية للمرشح عبر الانتشار بين أوساط المجتمع المستهدف بشكل أوسع في دائرته الانتخابية وتسهل التعرف على برامج هذه الحملة من قبل الناخبين والوصول الى معرفة سيرة المرشح الذاتية وآراء وأفكار الحملة الانتخابية الخاصة به».

وأوضح ان برامج «البودكاست» يمكن الوصول إليها في أي وقت وفي أي مكان وتعطي فرصة للمرشحين للإجابة على كافة أسئلة الحلقة وتوفر الوقت لتوضيح الرؤية الشاملة للأحداث والقضايا الى الجماهير التي تبحث عن تفاصيل هذه القضايا.

بدوره أكد الأستاذ المشارك في قسم الاعلام بجامعة الكويت الدكتور حسين مراد في تصريح مماثل لـ«كونا» ان أهم العوامل التي ساهمت في اقبال المرشحين على منصات «البودكاست» هي انخفاض تكلفتها المادية وسرعة انتشارها وسهولة الوصول للفئات المستهدفة المطلوبة.

وأضاف الدكتور مراد «يستطيع مرشحو مجلس الأمة ان يصلوا الى أكبر عدد من المستمعين بتكلفة قليلة عبر نشر مقابلات البودكاست في برامج التواصل الاجتماعي»، موضحا أن وسائل الاعلام التقليدية استجابت لهذا المشهد المتغير وتكيف بعضها معه من خلال دمج «البودكاست» في برامجها لتحذو حذو هذه المنصات وتجذب المزيد من الجماهير وتتكيف مع المشهد الإعلامي المتغير.

وبين ان السبب الرئيسي لاكتساب برامج «البودكاست» شهرتها هي خاصية المرونة التي تمتاز بها في الوصول الى أكبر عدد من الجماهير حيث بلغ عدد مشاهدات برامج البودكاست اثناء جائحة كورونا ما يقارب 383 مليون مشاهدة في العالم ليصل اجمالي عدد مشاهدات هذه البرامج في العام الحالي إلى 504 ملايين مشاهدة.

وبالسؤال عن أسباب توجّه المرشحين الى برامج «البودكاست» أجاب الدكتور مراد بان «النصيب الأكبر من متابعي هذه البرامج هي من فئة الشباب التي تشكل ما يزيد عن 70 في المئة من المجتمع الكويتي والسبب الاخر هو التحدث بأريحية بالمواضيع».

وأكد ان برامج «البودكاست» تستهدف مختلف الفئات العمرية ومن غير الممكن التحكم بفئة «الأطفال» عند مشاهدتهم هذه البرامج الا من خلال توعية مشاهدي هذه المنصات بالشرائح التي تستهدفها برامج «البودكاست» لزيادة وعي المشاهدين وزيادة قدرة هذه البرامج بالتأثير بالشكل المطلوب وإمكانية مناقشة القضايا المجتمعية والعمل على الحلول المناسبة لها.

بدوره قال الناشط في برامج البودكاست المحامي بدر العسكر لـ «كونا» ان مرونة متابعة حلقات برامج «البودكاست» من قبل المشاهدين والوصول الى الحلقات في جميع الأوقات هي من أسباب إقبال المرشحين عليها.

وأوضح إن برامج «البودكاست» تحمل الطابع العفوي والهادئ ولا تتقيد بالبروتوكولات الإعلامية المشددة وتنقسم الى عدة مجالات متنوعة تطرح حسب حديث الساحة وما يرغبه جمهور المنصة حيث تنقسم المواضيع في الحلقات الى الثقافية والترفيهية والسياسية والعلوم.

وبين العسكر ان المنصة التي يقوم عليها تهدف الى طرح المواضيع المتنوعة وعدم التركيز على جانب معين وخلال استضافة المرشحين تسعى المنصة الى إيصال اراء المرشحين في اهم القضايا المجتمعية التي تطرح في المجتمع وطرح أسئلة الناخبين بالعلن والشفافية رافضا فقد هوية «البودكاست» الأولية باعتبارها شكلا من اشكال الترفيه الثقافي وتعدد المجالات المتنوعة التي تتطرق اليها وتحولها لمنصة دعائية خاصة بالمرشحين.

وتابع ان انتشار برامج «البودكاست» أسرع بكثير من الاعلام التقليدي حيث تسهل الوصول لكافة شرائح المجتمع وتتخطى الحدود الجغرافية وتؤثر في توجيه الرأي العام سواء في الانتخابات او القضايا المجتمعية في مختلف بلدان العالم.

من جانبه قال صاحب منصة بودكاست الإعلامي فهد السبيعي في تصريح مماثل لـ «كونا» ان من أسباب توجه المرشحين لمنصات «البودكاست» هو تنوع الفئات العمرية التي تستهدفها تلك البرامج وسهولة الاستماع اليها عند ممارسة أنشطة الحياة اليومية المختلفة.

وحول تحول منصات «البودكاست» من المحتوى الثقافي الترفيهي الى الدعاية الانتخابية أجاب السبيعي ان الكثير من المرشحين استبدل الندوات الانتخابية والاعلانات واتجه الى برامج «البودكاست» التي أصبحت شكلاً من أشكال الدعاية الانتخابية لسهولة الوصول للجماهير المستهدفة وعرض الأفكار والآراء والمقترحات الخاصة بالمرشحين.

وأضاف ان برامج البودكاست ساهمت بتسهيل عرض البرامج الانتخابية الخاصة بالمرشحين لأسباب متعددة منها توفير الوقت الكافي للمرشح لاستعراض برنامجه الانتخابي والتطرق لمختلف القضايا المجتمعية والحلول المناسبة لها وعدم التقيد بالبروتوكولات الإعلامية التي توجد في القنوات الفضائية والطابع الهادئ في حلقات البودكاست التي يستطيع الضيف من خلالها للتطرق الى مختلف المواضيع فضلا عن اتساع حرية الرأي.

ولفت السبيعي الى ان مصداقية بعض برامج «البودكاست» في الانتخابات البرلمانية لعامي 2022 و 2023 تختلف عن العام الحالي بسبب استغلال البعض من أصحاب المنصات في تحول المحتوى الإعلامي الى محتوى تجاري مقابل مبلغ من المال يدفع من ضيوف الحلقات الى أصحاب هذه المنصات واختيار الأسئلة والمواضيع التي يرغب بها المرشح موضحا ان هذه الأمور تقلل من قوة تأثير هذه البرامج وشعبيتها لدى الجماهير ومصداقيتها في طرح الأفكار والقضايا الهامة.

زر الذهاب إلى الأعلى