الصحفي البرلماني رشيد الفعم: اثنان.. هوان البرلمان؟!
أكد الصحفي البرلماني رشيد الفعم، أن المتقصي للحياة السياسية والبرلمانية في الكويت، محتم إبصاره استطاعة الكتل والتيارات الوطنية على متنافر تسمياتها وتوجهاتها وايديولوجياتها.
وأضاف «فالاستقامة هنا تقتضي مصادقة على أدوار مؤثرة لها، نمّقت مسارات حكم البلاد، وتصويب ابتناء الدولة ونمائها، وسمو نجمها في أحلك الظروف، دون اعتبار، لأحداث مغايرة، قد يزعمها البعض مهلكات كادت تسحق سكينة الأمن، وسكون الوطن، فهذا مبحث فيه من البسط والمد والإيثاق والعقد، والقول ونقيضه، مالا يسوغ الاستحضار فيه هنا».
غير أن الصواب الصلب، يجزم أن لا عمل نيابياً منجزاً، عروقه فردية أو اجتهاد واحتمالات، فالجماعية ونظم مجاميع وفرق، أشرقتا برهانين جليلين في غالبية مراتب النور الخالدة في تاريخ الحياة النيابية الكويتية، وما بين دفتي أرشيفات ومحفوظات مجالس الأمة منذ اقلاعها في 1963.
في فصول تشريعية أدبرت، لا سيما في الستينيات والسبعينيات، تقرأ تقسيمات البرلمان باكرا، وتلوح كتلة ساطعة سافرة من فاتحة ساعاته، وتفطن أهدافها وبرامجها وحتى سن خططها وأطروحاتها ومقترحاتها ومطالبها، فكان من شأنه، اختصار التفصيل، وتقريب القصي، وتجاوز التعقيد، والقفز على ما هو شخصاني، ووأد غير الدستوري، وفرض التنموي، وسد المداخل أمام هش التشريع، وسوء المراس، وهوان الممارسة، فتمخض إقامة وتشييد وصروح وعمران، ما انفكت قدوة بنية تحتية قانونية وإدارية وحياتية وميدانية وإنشائية.
غير أن هذه الكتل دهاها ما ابتلى السير النيابي من زل وزيق وعثر ووقع، وفي سوء الادعاء، وقبح المثلبة، إن هذا كان مقصوداً، من تصميم لإهرام البرلمان، وإنضاء أعضائه، وإمهان بيت الشعب، حتى تناهى نكوصه إلى ما هو عليه اليوم، بيد أنها لم تمت، ففي التسعينيات والألفية، دبـت الحياة في كوكبة نيابية ليبرالية ومحافظة مثل تكتلات العمل الشعبي، والتنمية والإصلاح، والعمل الوطني، والكتلة الإسلامية وغيرها، لكن خلدها ضئيل فانضوت وتوارت واختفت، بعدما غادر مؤسسوها مقاعد قاعة عبدالله السالم، أو تنابذهم، وتضارب دروبهم، وتبدل تحالفاتهم.
منذ حراك 2011 وانتخابات 2021، لا نكاد نری روابط واتحادات واندماجات نواب تحت لواء غمار وغمارة، ورهط وزحمة، فغدا الجمع أعزب مستقلا وحيدا، كل يهتف من غير سرب، على غير هدى معزوفتهم، فاستأثر ركيك النطق، واستحوذ سقيم الفكر، وهيمن نحيف الإتمام، وتحكم ضامر العرض والنفاذ.
لتأتي النائبة العارمة، نظام الانتخاب بالصوت الواحد، فتحل الأحادية غاية فيض نواب، والتجزؤ سمتهم، والتفرد ديدنهم، جديدهم حشو، ومكتسبهم مغازلة، ومستحدثهم دغدغة، التماسهم نفر ممن أوصلوهم إلى العضوية، ورجاؤهم أبناء عمومة أو عائلة، ولا بأس بطائفة ومذهب وفخذ قبيلة.
هل من حصيف يعي وكيس يوجه، ولبيب يهدي؟ المبجلون كثيرون، والحذق وافرون، إلا أن جمهم متثاقل، مرتاب القدرة، حائر القرار، خزي النفوذ، هوان السلطة والسطوة، برلمانهم، سيتمادى إعياء، ويسترسل ركاكة، فلا يندمل ولا يبرأ، قبل استفاقة على صنع كتل، وانتاجية ثلة، وإنجاز عصبة، فالمفرد في البرلمانات مردود مبدد مشتت، يقوض ويخرب.