كيف يختطف SARS-CoV-2 الخلايا البشرية للتهرب من جهاز المناعة
اكتشف باحثون إحدى الطرق التي يخطف فيها فيروس SARS-CoV-2، وهي آلية الخلايا البشرية لتثبيط الاستجابة المناعية، ما يسمح لها بإثبات العدوى وتكرارها وإحداث المرض .
وباختصار، يتم تمييز جينوم الفيروس بعلامة خاصة بواسطة إنزيم بشري يخبر الجهاز المناعي بالتوقف، بينما يعمل في الوقت نفسه على تكثيف إنتاج البروتينات السطحية التي يستخدمها SARS-CoV-2 كـ"مقبض باب" لدخول الخلايا.
وتساعد الدراسة، التي نُشرت في 22 أبريل 2021 في Cell Reports، على إرساء أسس علاجات مناعية جديدة مضادة للفيروسات، وهي علاجات تعمل من خلال تعزيز جهاز المناعة لدى المريض، بدلا من قتل الفيروس مباشرة.
ووفقاً لـ «ميديكال إكسبريس»، قال طارق رنا، أستاذ ورئيس قسم علم الوراثة في قسم طب الأطفال في كلية الطب ومركز موريس للسرطان بجامعة كاليفورنيا في سان دييغو: "من الذكاء جدا لهذا الفيروس أن يستخدم الآلات المضيفة للذهاب في نفس الوقت إلى وضع التخفي والدخول إلى مزيد من الخلايا. وكلما عرفنا المزيد عن كيفية ترسيخ الفيروس في الجسم، أصبحنا مجهزين بشكل أفضل لتعطيله".
وفي الخلايا البشرية، يتم نسخ جينات الحمض النووي الريبوزي منقوص الأكسجين (DNA) إلى الحمض النووي الريبوزي (RNA)، والذي يتم ترجمته بعد ذلك إلى بروتينات، وهي الجزيئات التي تشكل غالبية الخلايا.
لكن الأمر ليس دائما بهذه السهولة. يمكن للخلايا تعديل الحمض النووي الريبوزي كيميائيا للتأثير على إنتاج البروتين. وأحد هذه التعديلات هو إضافة مجموعات الميثيل إلى الأدينوزين، وهو أحد اللبنات الأساسية التي يتكون منها الحمض النووي الريبوزي.
ويُعرف هذا التعديل باسم N6-methyladenosine (m6A)، وهو شائع في البشر والكائنات الحية الأخرى، بما في ذلك الفيروسات.
وعلى عكس البشر، تتكون الجينومات الكاملة لبعض الفيروسات، بما في ذلك SARS-CoV-2، من الحمض النووي الريبوزي بدلا من الحمض النووي الريبوزي منقوص الأكسجين.
وبدلا من حمل الآلة لترجمة ذلك إلى بروتينات، فإن الفيروس التاجي يدفع الخلايا البشرية للقيام بهذا العمل.
واكتشف الدكتور طارق وفريقه سابقا أن m6A يلعب دورا مهما في عدوى فيروس نقص المناعة البشرية وزيكا. واكتشف الباحثون في دراستهم الأخيرة أن الإنزيم البشري METTL3 يضيف مجموعات الميثيل لإدخال m6A في الحمض النووي الريبوزي لفيروس SARS-CoV-2. ويمنع هذا التعديل الحمض النووي الريبوزي للفيروس من تحفيز الجزيئات الالتهابية المعروفة باسم السيتوكينات.
وأدى نشاط METTL3 أيضا إلى زيادة التعبير عن الجينات المؤيدة للفيروسات، تلك التي تشفر البروتينات اللازمة لتكرار وبقاء SARS-CoV-2، مثل ACE2، مستقبل سطح الخلية الذي يستخدمه الفيروس لدخول الخلايا البشرية.
وقال طارق: "يبقى أن نرى لماذا تساعد خلايانا الفيروس على هذا النحو".
وعندما أزال الفريق METTL3 من الخلايا في المختبر، باستخدام إسكات الجينات أو طرق أخرى، رأوا العكس، جزيء مؤيد للالتهابات يُعرف باسم RIG1 يربط الحمض النووي الريبوزي الفيروسي، وتم إنتاج المزيد من السيتوكينات الالتهابية، وتثبيط الجينات المؤيدة للفيروسات. وفي النهاية، أدى تثبيط METTL3 إلى كبت تكاثر الفيروس.
ولمعرفة كيف تعمل هذه الآلية في العالم الحقيقي، قارن الفريق عينات الرئة بعد الوفاة من مرضى "كوفيد-19" وخزعات الرئة السليمة.
ووجد الفريق أن تعبير METTL3 كان أقل في المرضى الذين ماتوا بسبب "كوفيد-19" الشديد، وكانت الجينات الالتهابية مرتفعة.
وأوضح الدكتور طارق أن هذا أمر منطقي في المراحل اللاحقة من "كوفيد-19"، لأن عاصفة السيتوكين، التنشيط المفرط لجهاز المناعة الخاص بالمريض، من المعروف أنها تزيد المرض سوءا.
ويقوم فريق الدكتور طارق الآن بالتحقق من صحة النتائج التي توصلوا إليها في النماذج الحيوانية، وتطوير مثبطات METTL3 لاختبارها كعلاجات تجريبية محتملة لـ"كوفيد-19".
وقال الباحث: "نأمل أنه من خلال التلاعب بمستويات m6A في الفيروس، قد نتمكن من ضبط وقت الاستجابة المناعية الفطرية بطريقة تفيد مرضى كوفيد-19، خاصة للمرضى الخفيفين أو المعتدلين الذين لم يصابوا بعاصفة خلوية. والتحدي هو أن الخلايا لديها العديد من الإنزيمات الأخرى مثل METTL3، والمعروفة باسم methyltransferases، لذا فإن تثبيطها يجب أن يتم على وجه التحديد، في وقت محدد."