الهند والبرازيل في مواجهة شرسة ضد الوباء وأوروبا تبدأ بتخفيف القيود
– العاصمة الهندية تكافح أزمة صحية غير مسبوقة وتعهد أكثر من 40 دولة بإرسال مساعدات طبية عاجلة
– الصحة العالمية تحذر: «الوضع في الهند يمكن أن يحصل في أي مكان»
تواجه الهند والبرازيل أزمة صحية غير مسبوقة نتيجة انتشار السلالات الجديدة لفيروس كورونا، عجزت معها المستشفيات، لاسيما في الهند، عن استيعاب العدد الهائل من المصابين، فيما سارعت دول العالم إلى تقديم المساعدة إلى هذا البلد الغارق في الجائحة، بينما تخطط أوروبا للخروج من القيود بشكل تدريجي مع مواصلة حملات التلقيح التي يراهن عليها العالم لكبح انتشار الوباء، إلا أنها لم تنطلق بالبرازيل التي تحاسب فيها الحكومة على فشلها في تدبير الأزمة.
بلغ عدد إصابات فيروس كورونا في العالم أكثر من 150 مليون حالة، وتشتد المواجهة ضد الوباء خاصة في كل من الهند والبرازيل، فيما انطللقت أوروبا في رسم “خارطة طريق” للخروج التدريجي من القيود المفروضة مع ظهور مؤشرات وبائية تفيد بتراجع الجائحة في عدد من دول القارة العجوز، وفقاً لـ «فرانس24».
مستشفيات تعاني في الهند
وفي وقت تعاني مستشفيات الهند المكتظة من نقص في الأسرة والأدوية والأكسجين، أعلنت البلاد الجمعة تسجيل 385 ألف إصابة جديدة في الساعات الأربع والعشرين الأخيرة، في عدد قياسي عالمي وقرابة 3500 وفاة.
وأمام هذا الوضع، بدأت المساعدة الدولية التي أعلنت عنها دول عدة بالوصول إلى العملاق الآسيوي الذي يعد 1,3 مليار نسمة. وحطت طائرة الشحن العسكرية “سوبر غالاكسي” التي تحتوي على أكثر من 400 قارورة أكسيجين بالإضافة إلى معدات استشفائية أخرى وقرابة مليون من معدات الفحص السريع لكشف الإصابة بكوفيد-19، في مطار نيودلهي الدولي، بينما تكافح العاصمة الهندية أزمة صحية غير مسبوقة.
وتعهدت أكثر من أربعين دولة بإرسال مساعدات طبية حيوية إلى الهند، ويُرتقب وصول إمدادات من دول عدة في الأيام المقبلة.
وتتحرك الجالية الهندية عبر العالم، من أفريقيا إلى أستراليا، لإرسال معدات طبية ومحاولة مساعدة أقربائهم في تلقي العلاج.
ويقول يادو سينغ وهو طبيب قلب في أستراليا: “فقدتُ ثلاثة أفراد من محيطي”. ويتابع “لا يمكن أن أعالج الناس وأنا موجود في أستراليا”، مضيفا “بدون رؤيتهم، يمكنني فقط إرشادهم ومساعدتهم ومنحهم الأمل”.
البرازيل: محاسبة الحكومة على تدبير الأزمة
البرازيل بدورها تعيش وضعا صحيا صعبا في مواجهة نسخة متحورة جديدة من الفيروس أشد عدوى وأكثر ضراوة. وتم تجاوز عتبة 400 ألف وفاة جراء الوباء الخميس إذ لم تبدأ حملة التلقيح بعد.
ويُرتقب الجمعة تنظيم مظاهرة على شاطئ كوباكابانا في ريو دي جانيرو للتنديد بإدارة الأزمة الصحية من جانب حكومة الرئيس جاير بولسونارو، الذي يخضع لتحقيق برلماني مفتوح منذ الثلاثاء.
بالنسبة لمنظمة الصحة العالمية، فإن الفترة الحالية ليست الوقت المناسب لتخفيف الحذر في حين تعلن دول في أوروبا تخفيف القيود. وقالت منظمة الصحة الخميس إن “الوضع في الهند يمكن أن يحصل في أي مكان”.
دول أوروبا تبدأ في تخفيف القيود
بدأ عدد من الدول الأوروبية في بسط أجندات تخفيف القيود أمام الرأي العام. ففي البرتغال أعلنت الحكومة مساء الخميس إعادة فتح حدودها السبت مع إسبانيا. في اليوم نفسه، تدخل البلاد، قبل 48 ساعة من الموعد المحدد سابقا، في المرحلة الرابعة والأخيرة من تخفيف التدابير الصحية الذي انطلق في منتصف آذار/مارس.
وسيُسمح مجددا بالقيام بمجمل الأنشطة الرياضية في الخارج وفي قاعات الرياضة. وسيتم تمديد دوام عمل المقاهي والمطاعم والمتاجر والمراكز الثقافية. وسينظم عرض موسيقي تجريبي مع 400 مشاهد في براغا في شمال البرتغال في نهاية الأسبوع.
في فرنسا، كشف الرئيس إيمانويل ماكرون الخميس عن الخطوط العريضة لإعادة فتح “على أربعة مراحل” بين 3 مايو ونهاية يونيو.
بعد بضع ساعات، أعلنت الحكومة رصد أول إصابة في فرنسا بالمتحور الهندي، في منطقة تقع في جنوب غرب البلاد “لدى مريض عاد من الهند”، بحسب السلطات. ورُصدت حالتان أخريان بعدها في منطقة مرسيليا (جنوب).
ومن المقرر إعادة استقبال الزبائن في الباحات الخارجية للحانات والمطاعم مع ستة أشخاص على الطاولة الواحدة كحد أقصى، اعتبارا من 19 أيار/مايو في فرنسا. وستُعيد المتاجر أيضا فتح أبوابها في هذا التاريخ، مع إجراءات ملائمة، وكذلك المتاحف ودور السينما والمسارح، باستقبال 800 شخص في الداخل كحد أقصى وألف شخص في الخارج.
وتأمل حكومات الدول الغربية إعادة إطلاق عجلات اقتصاداتها المتضررة كثيرا جراء الوباء. وتسببت القيود الصحية بتراجع الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأول من العام بنسبة 1,7% في ألمانيا و0,4% في إيطاليا و3,3% في البرتغال.
أوروبا تمضي قدما في عملية التلقيح
ستفتح فرنسا مجال التلقيح “اعتبارا من السبت” لجميع الفرنسيين الذين يُعتبرون من الفئات الضعيفة، أي الأشخاص الذين يعانون من زيادة في الوزن أو من ارتفاع ضغط الدم أو السكري أو من فشل كلوي أو في القلب.
من جهتها، أعطت ألمانيا الأربعاء 1,1 مليون جرعة من اللقاحات المضادة لفيروس كورونا، في عدد قياسي وطني، فأصبحت بذلك أول دولة أوروبية تتخطى المليون حقنة في 24 ساعة.
في بريطانيا، حيث تُعد حملة التلقيح متقدمة جدا، قررت مدينة إدنبره الجمعة إعادة فتح مواقعها التاريخية. أما في بلغاريا، فتعيد الحانات فتح أبوابها في نهاية الأسبوع بنسبة 50% من قدرتها الاستيعابية.
تركيا تواجه تفشيا جديدا للوباء
وفي وقت تبدأ فيه دول أوروبية التخطيط للعودة إلى “حياة ما قبل” أزمة الوباء، تشدد دول أخرى في المقابل قيودها. ويدخل إغلاق تام حيز التنفيذ الجمعة في تركيا التي تواجه تفشيا جديدا للوباء.
وأعلن رسميا عن أكثر من 150 مليون إصابة في العالم منذ اكتشاف الفيروس في الصين في ديسمبر 2019، بما في ذلك ستة ملايين إصابة سجلت خلال أسبوع واحد، بحسب تعداد أعدته وكالة الأنباء الفرنسية، استنادا إلى بيانات رسمية الجمعة. وهذه الطفرة ناجمة خصوصا عن تفاقم انتشار الفيروس في الهند حيث أصيب 2,5 مليون شخص بالفيروس في الأيام السبعة الماضية.
ويتسبب الوباء الذي لا يزال بعيدا عن التراجع في العالم، بـ821 ألف إصابة جديدة في اليوم، إذ ارتفع هذا العدد أكثر من الضعف منذ منتصف فبراير حين كانت تُسجّل 350 ألف إصابة يوميا.