تقرير| لليوم الحادي عشر.. سكان غزة من وطأة معاناة اجتماعية إلى أهوال حرب مدمرة
– انقطاع الكهرباء ونقص في الوقود ووضع اقتصادي صعب.. وواقع صحي مُتهالك
– نزوح أكثر من 100 ألف شخص.. هرباً من القصف الصهيوني على قطاع غزة
– استشهاد مئات الأشخاص وإصابة آلاف آخرين.. وتدمير عشرات الأبراج السكنية
(سرمد – وكالات) – لليوم الحادي عشر على التوالي، يتواصل القصف الإسرائيلي على قطاع غزة، متسببا في استشهاد، أكثر من 200 شخص وإصابة آلاف آخرين، إلى جانب تدمير عشرات الأبراج السكنية والمباني، وأجزاء واسعة من شوارع القطاع المحاصر منذ نحو 15 عاما، وبنيته التحتية.
وصباح اليوم الأربعاء، أعلن المكتب الحكومي في قطاع غزة أن قوات الكيان الصهيوني شنت أكثر من 1800 غارة على القطاع منذ بدء التصعيد، كما أشار المكتب الإعلامي إلى أن الغارات الصهيونية، تسببت في نزوح نحو 107 آلاف شخص، هربا من القصف.
وما بين أصوات الغارات التي لا تتوقف، وأخبار القتلى والإصابات والنزوح، يعيش سكان القطاع في حالة مستمرة من الخوف والقلق، خاصة وأن القطاع يعاني من أوضاع صحية وإنسانية سيئة بسبب الحصار وقبل بدأ التصعيد، وجاءت الغارات الصهيونية، الأخيرة لتزيد من تدهور الأوضاع، وترفع من معاناة الفلسطينيين.
من الضحية التالية ؟
يقول الباحث والكاتب المقداد جميل، الذي يعيش في قطاع غزة في حديث مع وكالة «سبوتنيك» الروسية، إن الأوضاع الإنسانية في غزة سيئة للغاية، في الأساس وبدون عدوان الكيان الصهيوني، يوجد حصار خانق لأكثر من 15 عامًا، انقطاع للتيار الكهربائي ونقص في الوقود، عدا عن الواقع الصحي المتهالك، ووضع الناس الاقتصادي صعب جدًا أيضًا".
ويضيف المقداد: «اليوم في ظل الحرب والعدوان المتواصل لعشرة أيام، الظروف أصبحت أسوأ، نزح العديد من الناس، توقف العمل في كل المناطق، عدا عن زيادة أعداد الجرحى والشهداء الذي يُضر بالقطاع الصحي.
وتابع جميل: «نعيش في ظل القصف، في قلق وخوف متواصليْن، نسمع القذائف والصواريخ وهي تنهال في كل مكان، نسمع أخبار الناس الذين نعرفهم، منهم من جُرح ومنهم من تهدم بيته، ونتوقع في أي لحظة أن نكون الضحية التالية».
ويروي الباحث الغزاوي عن لحظات خوف عاشها بعد تعرض الحي الذي يعيش فيه إلى القصف، حيث يقول: «حصلت مجزرة مخيم الشاطئ على بُعد شارع واحد عن بيتي.. كانت هناك كتلة من اللهب في الشارع والانفجار الشديد أدى لتحطم الزجاج والنوافذ واهتزاز العمارة السكنية التي أقطنها. كان الناس تحت الأنقاض مكان المجزرة وكانت هناك صعوبة في انتشالهم كونهم داخل مخيم الشاطئ المكتظ بالسكان، والذي تتقارب فيه المنازل بشكلٍ كبير وتضيق فيه الشوارع والأزقة».
وقبل أربعة أيام استهدف طيران العدو الصهيوني، منزلاً في مخيم الشاطئ المكتظ بالسكان، ما أسفر عن استشهاد 8 أشخاص بينهم 6 أطفال وامرأتان، وإصابة 15 آخرين بجروح. ويقع مخيم الشاطئ شمالي قطاع غزة، وبحسب إحصائيات الأونروا، يعيش في المخيم ما يزيد عن 85 ألف لاجئ، في مساحة لا تتجاوز 52 كيلومتر مربع.
ربع سكان القطاع من الأطفال
بشكل عام، يعتبر قطاع غزة من أكثر المناطق اكتظاظا بالسكان في العالم، حيث يعيش فيه أكثر من 2 مليون شخص، بينهم 489 ألف طفلا على مساحة لا تتجاوز 360 كيلومتر مربع.
ومنذ بدء التصعيد، فقد 64 طفلا في قطاع غزة حياتهم، من بينه 227 شخصا استشهدوا حتى اليوم، الأربعاء، بحسب ما أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية.
ويجبر تواصل قصف الكيان الصهيوني، الآباء والأمهات في قطاع غزة إلى اللجوء إلى حيل عدة لتهدئة روع أطفالهم من أصوات الانفجار التي لا تتوقف، سواء في الليل أو النهار.
في السياق ذاته، يعود الباحث المقداد جميل، ليتحدث قائلاً: «الكثير من الكلام الذي لا يُجدي، فالأطفال يُعانون معاناةً مضاعفة، عندما يستيقظون من النوم على أصوات الانفجارات التي تُرعب الكبير قبل الصغير.. لكن نحاول بأقل الممكن، أن نلعب معهم، وأن نُلهيهم بمشاهدة أفلام الكرتون».
معاناة الهلال الأحمر
فريق ضخم من العاملين والمتطوعين بالهلال الأحمر الفلسطيني يحمل على عاتقه الجزء الأكبر من عمليات الإنقاذ والإسعاف لأهالي القطاع بعد تعرضهم للقصف، حيث يقول المدير التنفيذي لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني بشار مراد: «إننا كهلال أحمر فلسطيني نحن نواجه صعوبة في تقديم الخدمات الإسعافية، نواجه صعوبة بالغة في نقل الحالات من أماكن القصف، وذلك بسبب استمرار القصف المدفعي ، ما يدفعنا للدخول إلى أماكن خطرة جدا».
ويضيف مراد أن «الكيان الصهيوني، تتبع سياسة لقصف البنية التحتية للمدن والقرى، وقام بتدمير معظم الشوارع الرئيسية التي تصل إلى المستشفيات، وخاصة المستشفى الإندونيسي في شمال غزة ومستشفى الشفاء في مدينة غزة، وهذا تطور خطير أدى إلى صعوبة تحرك سيارات الإسعاف، وصعوبة نقل المرضى، بالإضافة إلى زيادة عدد ساعات ودقائق الاستجابة من قبل سيارات الإسعاف للمصابين".
ويؤكد مراد أن تدمير الطرق أضاف عبء جديد على طواقم الهلال الأحمر والعاملين في الإسعاف، حيث تقف سيارات الإسعاف في أماكن بعيدة عن المناطق التي يتم استهدافها والمناطق المدمرة، وتقوم فرق الهلال الأحمر بنقل هذه الحالات على الأكتاف وحملا على الشيالات، ونستخدم طرق فرعية ضيقة ما يؤدي إلى زيادة وقت الاستجابة ونقل الحالات إلى المستشفيات"، موضحا «أحيانا نضطر إلى ترك سيارات الإسعاف والدخول إلى مناطق خطرة مشيا على الأقدام كي نقوم بنقل المصابين من هذه الأماكن المستهدفة».
وحول أعداد المتطوعين وطاقم الهلال الأحمر الذي يعمل في غزة، يقول مراد «لدينا جيش من المتطوعين لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، وهناك العديد من المستشفيات التي نتعامل معها، ونقدم العديد من الخدمات، مثل المستشفيات والدعم النفسي، هناك ما يقارب من 270 عنصر مدربين على تقديم الدعم النفسي، وجهاز الإسعاف والطوارئ به ما يقارب من 300 ضابط إسعاف يعملون في الميدان، ونحو 70 سيارة إسعاف تتبع الهلال الأحمر الفلسطيني في غزة، جميعها تعمل منذ بداية الحرب على مدار الساعة، لأن القصف مستمر لم يتوقف طوال الأيام السابقة، إضافة إلى جيش من المتطوعين من شباب غزة، ونقدر عددهم بنحو 2000 متطوع».
خسائر القطاع
يذكر أن المكتب الحكومي في قطاع غزة أعلن، أمس الثلاثاء، أن خسائر القطاع منذ بدء التصعيد الأخير بلغت 244 مليون دولار، كما أعلنت مصر أنها ستقدم مساعدات لقطاع غزة بقيمة 500 مليون دولار.
وتصاعدت التوترات بين قطاع غزة، والكيان الصهيوني، عقب أعمال عنف شهدتها مدينة القدس، بدأت بمحاولة الكيان الصهيوني، إخلاء سكان حي الشيخ جراح بالقدس من منازلهم، وتبعها اقتحامات متتالية للمسجد الأقصى.
وفي يوم الاثنين 10 مايو الجاري، بدأت الفصائل الفلسطينية المسلحة في قطاع غزة، بقصف البلدات المحتلة بالصواريخ؛ رداً على انتهاكات الكيان الصهيوني، في المسجد الأقصى والشيخ جراح، ما أسفر عن مقتل 10 إسرائيليين وإصابة المئات.
وخلال العشرة أيام الماضية طالب الكيان الصهيوني، سكان البلدات القريبة من قطاع غزة عدة مرات بالبقاء في المنازل، حيث أطلقت المقاومة الفلسطينية آلاف الصواريخ باتجاه تل أبيب والبلدات المحتلة، في المقابل قصف طيران العدو الصهيوني، مئات المواقع لحركة حماس والمقاومة، كما استهدف عشرات من مقاتلي الحركة.
وصباح اليوم الأربعاء، قال رئيس الوزراء حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، إن ربع الصواريخ التي أطلقت من قطاع غزة سقطت في القطاع، كما يقول جيش الكيان الصهيوني، إن منظومة القبة الحديدية تصدت لنحو 90 بالمئة من الصواريخ التي أطلقت من القطاع.
وأمس الثلاثاء، نفت كل من الفصائل الفلسطينية، والكيان الصهيوني، الموافقة على مقترح مصر لوقف إطلاق نار، في وقت تتزايد فيه الدعوات الدولية من الاتحاد الأوروبي والعديد من الدول العربية للطرفين لوقف إطلاق النار والعمل على حماية المواطنين.
والأحد الماضي، عرقلت واشنطن صدور بيان من مجلس الأمن بوقف إطلاق النار بين الفلسطينيين، والكيان الصهيوني.