«الموت أو التكيف».. خطط مكافحة تغيرات المناخ تستنزف الدول الإفريقية الفقيرة
تضطر البلدان الأفريقية إلى إنفاق مليارات الدولارات سنويًا للتعامل مع آثار أزمة المناخ، مما يؤدي إلى قلة الاستثمارات في المدارس والمستشفيات ودفع تلك البلاد نحو مزيد من الفقر والعوز، بحسب تقرير أعدته صحيفة "الغارديان" البريطانية، وترجمته «الحرة».
ويكلف التعامل مع التغيرات المناخية القاسية ما يقرب من 6? من الناتج المحلي الإجمالي في إثيوبيا وحدها، أي ما يعادل إنفاق أكثر من دولار واحد على إصلاح الأضرار المناخية من أصل كل 20 دولارًا من الدخل القومي، بحسب دراسة أجراها مركز أبحاث، باور شيفت أفريكا "Power Shift Africa".
وتأتي هذه التحذيرات قبل نشر التقرير العلمي الجديد الرئيسي الصادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بعلوم المناخ، الذي يحذر من عواقب التغيرات المناخية المناخ في جميع أنحاء العالم مع انتشار الفيضانات والجفاف وموجات الحر والعواصف التي تؤثر على أنظمة الغذاء وإمدادات المياه والبنية التحتية.
وستكون أفريقيا واحدة من أكثر المناطق تضرراً، على الرغم من أنها لم تفعل سوى القليل للتسبب في أزمة المناخ.
وفقًا لدراسة التي أصدر مركز" باور شيف أفريكا"، بعنوان "الموت أو التكيف: تحليل استراتيجيات التكيف مع المناخ في أفريقيا" فإن بلدان القارة السمراء سوف تنفق في المتوسط 4? من الناتج المحلي الإجمالي للتكيف مع آثار انهيار المناخ.
وتضم تلك البلدان الأفريقية بعضًا من أفقر سكان العالم، والذين تقل مسؤوليتهم عن انبعاثات غازات الاحتباس الحراري عدة مرات عن تلك التي يتحملها الأشخاص في البلدان المتقدمة، أو في الاقتصادات الناشئة الكبيرة مثل الصين.
وسيتعين على سيراليون إنفاق 90 مليون دولار سنويًا على التكيف مع أزمة المناخ، على الرغم من أن مواطنيها مسؤولون عن حوالي 0.2 طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون سنويًا، بينما يولد المواطنون الأميركيون حوالي 80 ضعفًا.
وقال مدير مركز أبحاث "باور شيفت أفريكا"، محمد أدو إن هذا التقرير "يُظهر الظلم العميق لحالة الطوارئ المناخية"، مضيفا: "تضطر بعض أفقر البلدان في العالم إلى استخدام الموارد الشحيحة للتكيف مع أزمة ليست من صنعها".
وتابع: "على الرغم من وجود بصمات كربونية ضئيلة مقارنة بتلك الموجودة في العالم الغني، إلا أن هذه البلدان الأفريقية تعاني من الجفاف والعواصف والفيضانات التي تضع الموارد المالية العامة المنهكة بالفعل تحت الضغط وتحد من قدرتها على معالجة مشاكل أخرى".
ودعا، أدو، إلى مزيد من التمويل من الدول المتقدمة، والتي كانت وعدت في قمة المناخ "كوب 26" للأمم المتحدة بمضاعفة الأموال المتاحة لمساعدة الدول الفقيرة على التكيف مع أزمة المناخ.
وكانت الدول الغنية قد وعدت في العام 2009 بتقديم 100 مليار دولار سنويًا لمساعدة البلدان الفقيرة على خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري والتعامل مع آثار الانهيار المناخي، لكنها لم تحقق هذا الهدف حتى الآن.
وكانت معظم تلك الأموال التي جرى توفيرها قد خصصت لمشاريع لخفض الانبعاثات، مثل مزارع الرياح والألواح الشمسية، بدلاً من الجهود المبذولة لمساعدة البلدان الأفريقية على التكيف مع أزمات المناخ.
وتطرقت الدراسة إلى خطط التكيف الوطنية المقدمة إلى الأمم المتحدة من سبع دول أفريقية، وهي إثيوبيا وكينيا وليبيريا وسيراليون وجنوب إفريقيا وجنوب السودان وتوغو.
وكان جنوب السودان، وهو ثاني أفقر دولة في العالم، قد تعرض إلى فيضانات في العام الماضي أدت إلى نزوح 850 ألف شخص مما تسبب بتفشي الأمراض المنقولة عن طريق المياه.
تنفق حكومة جنوب السودان 376 مليون دولار سنويًا على التكيف مع أزمات المناخ، أي حوالي 3.1? من ناتجها المحلي الإجمالي.
وقال مدير مركز تغير المناخ والتنمية في جامعة Alex Ekwueme الفيدرالية في نيجيريا، تشوكومرجي أوكريكي، إن الدول الغنية يجب أن تستجيب لنتائج التقرير.
وأضاف:"إنه أمر غير مسؤول وغير أخلاقي على حد سواء بالنسبة لأولئك الذين يمثلون السبب الرئيسي لتغير المناخ أن يكتفوا بالمشاهدة في حين أن أفريقيا التي لم تساهم تقريبًا في تغيرات المناخ، لا تزال تتحمل نصيبًا غير متناسب من التأثير".
وختم بالقول"لقد ولى وقت المجاملات، فنحن بحاجة إلى دعم عاجل ومُعزّز وطويل الأمد من الملوِّثين للمناخ الرائدين في العالم".