«إيكونوميست»: نتنياهو في حالة رعب.. وحلفاؤه «سعداء»
منشغل منذ أسابيع عدة بمخاطر المحكمة الجنائية الدولية
كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو متحمساً لمقارنة نفسه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حتى وقت قريب، وفي حملته الانتخابية عام 2019، نشر حزب الليكود الذي يتزعمه صوراً له مع بوتين ورجال أقوياء آخرين.
أما الآن، فإن نتنياهو يخشى الالتحاق بركب بوتين، ويصبح من قادة العالم المطلوبين بمذكرات اعتقال من قبل المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، بتهمة ارتكاب جرائم حرب.
وكتبت مجلة «إيكونوميست» البريطانية أن الزعيم الإسرائيلي القلق، نشر في 30 أبريل تسجيلاً مصوراً يعتبر فيه أن اصدار مذكرات توقيف من المحكمة الجنائية الدولية سيكون بمثابة «غضب ذي ترددات تاريخية»، و«سيصب الزيت على نار معاداة السامية».
ولم تؤكد المحكمة الجنائية الدولية، بأن المدعي العام فيها كريم خان، يستعد لإصدار مثل هذه المذكرة، لكن ديلوماسيين إسرائيليين يمتلكون مؤشرات على أن رئيس الوزراء ووزير الدفاع يوآف غالانت، وجنرالات بارزين، مستهدفون. ويقولون إن جرائم الحرب محل النظر تتعلق بشكل أساسي بعرقلة إسرائيل إمدادات الغذاء إلى المدنيين في قطاع غزة خلال الحرب مع حماس، المسؤولة عن شن هجوم 7 أكتوبر.
وصرح مسؤول إسرائيلي: «لا نعلم على نحو مؤكد ما إذا كان صدور مذكرات التوقيف سيكون سريعاً.. المؤكد أن نتانياهو يفكر بأنها صدرت، وهو في حالة رعب».
وتقول المجلة إن رئيس الوزراء الإسرائيلي منشغل منذ أسابيع عدة بمخاطر المحكمة الجنائية الدولية.
في أثناء هذه الفترة تراجع عن السياسات الإسرائيلية المتعلقة بتزويد غزة بالامدادات الإنسانية، وأرجأ الهجوم المرتقب على رفح، المدينة الواقعة جنوب القطاع ويفكر أيضاً بهدنة مع حماس. وهناك البعض في إسرائيل ممن يفكر بأنه يتعين على إسرائيل أن تهاجم رفح، في أقرب وقت، من أجل ممارسة مزيد من الضغوط على حماس.
وينصح آخرون بتوخي الحذر حتى يتم التوصل إلى اتفاق لإطلاق الرهائن، ويبدو رئيس الوزراء الإسرائيلي وكأنه أقل سيطرة على الأحداث المتعلقة بغزة. وعوض ذلك، هو منقاد للتهديدات والحاجات الملحة من قبل حلفائه وأعدائه.
وتهدد إسرائيل منذ أشهر بارسال قواتها إلى رفح، المعقل الرئيسي الأخير لحماس.
وأكد مسؤولون إسرائيليون أن الجيش الإسرائيلي عازم على بدء هذه العملية، وقد تمت طباعة المناشير التي ستلقى على السكان، لكن الكابينيت طلب من الجنرالات التوقف عن التنفيذ مرتين، على الأقل.
وهناك سببان للتأخير، الأول هو الضغط المكثف الذي تمارسه أمريكا على إسرائيل. فقد حض الرئيس جو بايدن ووزير الخارجية أنتوني بلينكن نتانياهو، على الانتظار. وتدقق الإدارة الأمريكية بالخطط التي أعدتها إسرائيل لرفح وتقول إنها لا توفر حماية كافية للمدنيين. ويتذمر الجنرالات الإسرائيليون من أن مرؤوسيهم السياسيين منحوا الأمريكيين حق الفيتو على العملية.
والسبب الآخر هو احتمال التوصل إلى اتفاق بين إسرائيل وحماس، من شأنه أن يؤدي إلى إطلاق مجموعة كبيرة من الرهائن الإسرائيليين مقابل وقف القتال لمدة شهر على الأقل وإطلاق الأسرى الفلسطينيين. وكان طلب حماس بأن تسحب إسرائيل جميع قواتها من غزة نقطة شائكة. وقد وافق نتانياهو الآن، من حيث المبدأ، على التسوية التي قدمتها مصر، والتي تنطوي على انسحاب إسرائيل من المناطق الحضرية داخل غزة، والسماح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في عدد قليل من المواقع فقط.
وكان رد حماس فاتراً. ويبدو أن بعض قادتها قابلون للمرونة، لكن القرار النهائي يقع على عاتق يحيى السنوار، الزعيم المتشدد في غزة، الذي لا يزال مختبئاً.
وقد يصر على هدنة دائمة. وهذا من شأنه أن يعرقل الاقتراح المصري، الذي ينص على إجراء محادثات في شأن وقف طويل الأمد لإطلاق النار فقط، بعد إطلاق 33 رهينة إسرائيلي.
وربما يتراجع نتنياهو أيضاً. إذ إن ائتلافه يشهد انقساماً عميقاً في شأن اتفاق الرهائن. وقد استبعد شركاؤه في اليمين المتطرف أي اتفاق يتضمن هدنة طويلة وتأخيراً آخر لغزو رفح. وقال وزير المال اليميني المتشدد بتسلئيل سموتريتش، إن الحكومة التي تقبل مثل هذا الاتفاق «ليس لها الحق في الوجود».
لكن الجناح الأكثر واقعية في حكومة نتنياهو، بقيادة بيني غانتس عضو مجلس وزراء الحرب وزير الدفاع السابق، يهدد بسحب دعمه إذا لم تقبل إسرائيل بالاتفاق. ويشعر نتنياهو بالقلق أكثر في شأن جناحه اليميني المتطرف، لأن فقدان دعمه من شأنه أن يسقط حكومته. لكن الانصياع لمطالب هذا الجناح، سيؤدي إلى تفاقم وضعه في ما يتعلق بلاهاي.
وجدير بالذكر أن إسرائيل لم توقع النظام الأساسي لمعاهدة روما التي قامت بموجبها المحكمة الجنائية الدولية. لكن المحكمة قررت في السابق أن ثمة قضايا تتعلق بغزة والضفة الغربية تدخل ضمن اختصاصها. ولم توقع الولايات المتحدة أيضاً على النظام الأساسي للمحكمة.
لكن إدارة بايدن تتعاون عن قرب مع المحكمة، خصوصاً في مسألة مذكرة الاعتقال التي أصدرتها بحق بوتين عام 2023 بتهمة التورط في ترحيل أولاد أوكرانيين من أوكرانيا إلى روسيا.
ويعتقد نتانياهو أن الإدارة الأميركية لديها رافعة لدى المحكمة الجنائية، ويأمل في تغيير رأي كريم خان، ربما تحت الضغط الأميركي، لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي قلق من أن يكون حلفاؤه سعداء، بجعله يتصبب عرقاً.