منوعات

«زمالة المدمنين المجهولين».. يد ممتدة لانتشال ضحايا المخدرات

• تهدف للمساعدة في التوقف عن التعاطي وضمان ثبات حالة التعافي

• توفير «موجهين» من أصحاب التجربة السابقة لعون الحالات الجديدة ومساعدتها

(كونا) – تقف خطى المراكز والمستشفيات المتخصصة بعلاج مدمني المخدرات عند عتبة انتهاء البروتوكول الطبي للحالة لتواجه بعدها تحديا ذاتيا يتمثل بإعادة بناء قواعد وأساسيات الثقة بنفسها والمحيط بها.

ومشقة المسير لإعمار بناء الثقة لمن خرج من حرب التعاطي تشهد في طياتها حالات هزائم متتالية تعيده إلى المواجهة من جديد مع الإدمان بفعل عوامل عدة من أبرزها غياب الثقة بالنفس وفقدان المحيط الداعم وسوء استغلال الوقت لا سيما بالتزامن مع عدم وجود الوازع الديني.

ولضمان استمرار متضرري المخدرات في حالة (تعافي) لابد من توافر نقيض الأشياء المسببة لانتكاساتها والتي خلفت فراغا كبيرة بينهم وبين المجتمع والذي بدوره التقط صورة لهم بغياهب التجربة ليضاف مزيد من الثقل على كاهلهم ليخرجوا تارة بدور المتهم المدافع عن حالته وتارة أخرى المنهك نحو التعافي.

وبين الأيادي الممتدة لانتشال متضرري المخدرات يد (زمالة المدمنين المجهولين) المجموعة التي خرجت من حرب صراع ضد آفة المخدرات تلملم جراح جنودها من منتسبي المجموعة لتعيد إعمار مباني الثقة بين أفرادها والمجتمع وفق معايير مدروسة من خطوات وتقاليد بهدف نفض غبار التجربة والخروج من العزلة للنور.

وحول هذا الموضوع قال رئيس لجنة العلاقات العامة بالزمالة سعد عبدالله إن أبرز أهداف الزمالة مساعدة متضرري آفة المخدرات للتوقف عن التعاطي وضمان ثبات حالة التعافي لديهم إذ ان الانضمام للمجموعة لا يتطلب أية رسوم مادية أو أوراق ثبوتية ولا تشترط جنسية معينة سوى أن تبادر الحالة بالتوقف عن تعاطي المخدرات فهي «عضو بالمجموعة».

وأوضح عبدالله أن آلية عمل الزمالة تعتمد على كيفية تغلب الحالة على نفسها وتجاوز مرحلة الضعف حيال تعاطي المخدرات لا سيما مواجهة المجتمع من خلال الاتصال الفعلي بالمجموعة التي تحمل ذات الهموم والتطلعات ويؤازر بعضها بعضا.

وأضاف أن من مهام المجموعة توفير عدة (موجهين) من أصحاب التجربة السابقة والفترة الطويلة من التعافي لمد الحالات الجديدة بالمعلومات والعون والمساعدة في تجاوز الخطوات الأولى للتوقف.

ولفت الى أن الحالات الجديدة من منتسبي المجموعة تحظى باهتمام بالغ يتمثل باعتبارها أهم المشاركين عبر الانصات لتجربتها والسماع لاحتياجاتها وتقديم الدعم والمساندة لها من خلال تزويدها بأرقام اشخاص يحملون ذات الهموم بهدف التواصل وشعور الاطمئنان التي هي بأمس الحاجة لها في عبورها إلى بر التعافي وتجاوز أية انتكاسه محتملة.

وبين ان الاجتماعات المتواصلة لمجموعة الزمالة تعتمد على مبدأ (المجهولية) بهدف المساواة مع جميع من بالاجتماع والتجرد من الألقاب والمراكز الوظيفية لضمان تضافر الجهود نحو التخلص من هذه الآفة والتي لا تفرق بين شخص وآخر.

وبين أن هذه الاجتماعات تحظى بخصوصية عالية تقام لفئة الرجال وأخرى للنساء وتدار باللغات العربية والانجليزية والفارسية لتوصيل رسائل الزمالة لأكبر عدد ممكن من المنتسبين.

وأكد ان الزمالة لا تعمل ضمن قطاع أو جهة معينة سيما وانها ترفض أية مساهمات خارجية وتعتمد على التمويل الذاتي عبر (التقليد السابع) وهو عبارة عن صندوق يدار خلال الاجتماعات لتغطية احتياجات منتسبي المجموعة والمشاكل المادية لها وللحالات حينها حرية التبرع بأية مبالغ ممكنة او الامتناع بهدف الشعور بالمسؤولية وبيان عنصر المشاركة.

وأفاد أن الزمالة تتعاون مع جهات عدة رسمية وخيرية وجمعيات النفع العام وذلك لتوفير مقرات للاجتماعات بمقابل مبلغ رمزي من الدخل الذاتي لـ(زمالة المدمنين المجهولين).

ومن جهته أكد نائب رئيس العلاقات العامة بالزمالة محمد خالد حرص المجموعة على إعادة الأشخاص متعافي الإدمان إلى الحياة الطبيعية ليكونوا عناصر فاعلة بالمجتمع وجديرة بالثقة والاحترام.

وأوضح أن اشتراك (زمالة المدمنين المجهولين) في ماراثون (أقدر) الذي نظمه مركز علاج الإدمان يعبر عن إحدى أهداف المجموعة علاوة على وجود موقع الكتروني للزمالة ومنصة في برامج التواصل الاجتماعي متاحة للجميع.

وقال خالد إن المستهدفين من عمل المجموعة هم الأشخاص الذين لا يزالون يتعاطون المخدرات بغية حثهم على التوقف بأقرب وقت ممكن من خلال الوصول إلى مجتمع يقاسمهم ذات الهموم ويتفهم ما يمرون به من معاناة للوصول إلى هدف التعافي.

وذكر ان مرض تعاطي المخدرات لا يعتبر (قصورا أخلاقيا) تمتاز به فئة عن غيرها إذ انه لا يفرق بين أحد ويستهدف ضعفاء الإرادة والمحيط الداعم لهم.

وبين أن هناك هيكلا خدميا لـ(زمالة المدمنين المجهولين) لكل مجموعة مجتمعة إذ يخرج ممثلا عنها يلبي متطلباتها لدى (لجنة خدمات المنطقة) والتي تتكون من ثلاث لجان الأولى هي (لجنة المصحات والمؤسسات) ودورها ان تقدم خدماتها للمدمنين القابعين بالسجون أو مصحات علاج الإدمان.

واضاف خالد ان اللجنة الثانية هي (لجنة العلاقات العامة) التي تعمل على حمل رسالة المجموعة للمدمنين النشطين الذين لا يزالون يتعاطون المخدرات عبر الاتصال بهم والتواصل معهم بهدف حثهم على التوقف والثبات على طريق التعافي أما الأخيرة فهي (لجنة الادبيات والترجمة) والتي بدورها تنتج الكتب والمنشورات والميداليات وغيرها بهدف دعم منتسبي الزمالة.

يذكر أن أول اجتماع لمجموعة (زمالة المدمنين المجهولين) بالولايات المتحدة الأمريكية كان عام 1953 لعدد بسيط من الأشخاص تضافروا على ترك تعاطي المخدرات ومؤازرة بعضهم بعضا لمواصلة التعافي.

وتوسعت الدائرة فيما بعد لتنتقل إلى دول عدة وتصل إلى الكويت عام 1994 عبر ناد خصص للمتعافين يدير اجتماعاته أسبوعيا إلى ان تشكلت اعداد أكبر وأوسع ليشمل 30 اجتماعا أسبوعيا لـ17 مجموعة منتشرة في محافظات البلاد.

وتبين آخر احصائيات مشرفي المجموعة الكويتية انضمام نحو 450 متعافيا من بينهم 60 امرأة.

زر الذهاب إلى الأعلى