تباين الآراء حول مميزات وعيوب التحول الرقمي الإعلامي في الكويت
(كونا) – تباينت آراء متخصصون ومسؤولون حول التحول الرقمي الذي شهده القطاع الإعلامي في الكويت خلال الأعوام الماضية بين المميزات والعيوب في مدى جودة المنصات الاعلامية الرقمية وجودة المواد الإعلامية المطروحة وتنوع مصادر الأخبار ومدى ثقتها ودور مواقع التواصل الاجتماعي في نقلها والتأثير على الجمهور.
وشهد القطاع الاعلامي بالكويت دخول التقنيات الرقمية بهدف تحسين عمليات الإنتاج والنشر وتوفير المحتوى الإعلامي بشكل أسرع وأكثر فاعلية ويشمل ذلك تطبيقات وبرامج الهواتف الذكية.
ويمنح التحول الرقمي الإعلامي فرصة للوصول إلى جمهور أوسع وصناعة المحتوى بشكل أسرع وفعالية أكثر بما يتناسب مع التوجه الحالي للجميع للاستخدام المتزايد للانترنت وبرامج التواصل الاجتماعي.
وفي المقابل يزيد هذا التحول من الاعتماد على تطبيقات الهواتف الذكية كوسيلة لتوصيل المحتوى الا أن عدم إمكانية التأكد من المعلومات "يمثل خطرا على المصداقية" وقد يخلق رأي عام وهمي ومن جانب آخر هناك تهديد للخصوصية لدى الافراد والمؤسسات حيث تتيح التقنيات الجديدة للمؤسسات الإعلامية جمع معلومات عن الجمهور ومن الممكن تسريب هذه المعلومات أو استخدامها بشكل غير مهني.
وفي هذا الشأن استطلعت وكالة الأنباء الكويتية (كونا) آراء مجموعة من المتخصصين في هذا المجال ومن جانبه قال أستاذ الإعلام والعلاقات العامة بجامعة الكويت الدكتور أحمد الكندري ل(كونا) الثلاثاء إن التحول الاعلامي الرقمي مكن الجميع من الحصول على منصة إعلامية يتواصل من خلالها مع الجمهور بعكس الوضع السابق الذي يتطلب وجود رأس مال كبير لإنشاء المنصات الاعلامية.
وذكر الكندري ان من مميزات التحول أنه مكن المؤسسات الحكومية من الحصول على منصات إعلامية تتواصل بها بشكل مباشر وسريع مع الجمهور ومع أفراد المجتمع وتؤثر بالرأي العام وتتأثر به كذلك.
وأضاف ان المفاهيم الاعلامية تغيرت بشكل كامل "نحن نعيش في ثورة اتصالية وإعلامية سريعة جدا" من الصعب مواكبتها حتى أكاديميا وبالنسبة للمختصين والأكاديميين بمجال الاعلام لابد من قرائة الابحاث الجديدة والاطلاع الدائم سعيا لتطوير التعليم بمجال الإعلام.
وبين الكندري أن دور مواقع التواصل الاجتماعي له تأثير مباشر على الرأي العام وهناك حسابات رسمية وأخرى وهمية يكون لها في بعض الأحيان "توجهات وأجندة معينة" داعيا الجهات المعنية إلى تنظيم ووضع ضوابط "للفضاء الافتراضي".
وفي رد على سؤاله حول جودة المواد الاعلامية بمواقع التواصل الاجتماعي قال الكندري إن تقييم المادة يرجع للمتلقي ولابد أن يكون واعيا ومدركا لاسيما أن التحول زاد من انتقائية نوعية المواد من قبل المتلقي.
ومن جانبه قال مدير تحرير جريدة الجريدة ناصر العتيبي ل(كونا) إن التحول الإعلامي الرقمي "يؤذن بولادة إعلام كويتي جديد" يشمل القطاع الخاص والحكومي على حد سواء ويجمع بين رصانة الورقي وتجدد وآليات وسائل التواصل والإعلام الحديثة.
وذكر العتيبي أن المنصات الإعلامية الرقمية تقوم بدور مساند رائع للاعلام الورقي وتمثل انعكاسا لشخصية المؤسسة الاعلامية وتوجهها بالإضافة إلى التحديث الآني والصور المعبرة والفيديوهات المدعمة للمادة المنشورة فضلا عن التقييم الفوري من قبل المتلقي.
وأوضح أن هناك نوع آخر من الاعلام الرقمي "يخرج عن التوأمة مع الصحف الورقية" ويعتبر أكثر جرأة في طرح الموضوعات وأحيانا يكون بلا مسؤولية وتحت غطاء مواقع التواصل الإجتماعي مشيرا الى "التعصب" الذي يغلب عليه وتبني آراء أشبه بالإدعاءات التي لا يقوم عليها دليل وينطبق على البعض وليس الكل.
وبين العتيبي ان مواقع التواصل الاجتماعي لها دور "غير قابل للانكار" في نقل الأخبار والتأثير على الجمهور بل وحتى التأثير على بعض صناع القرار وذلك يحتمل الايجابية والسلبية في آن واحد.
وعن مدى مصداقية الاخبار ومصادرها في المنصات الرقمية ذكر العتيبي أن بعضها متنوع وشيق ويحاول أن يكسب متابعة المتلقي وتفاعله وزيادة عدد المتابعين غير أنه في المقابل قد يأتي ذلك على حساب المصداقية ما يسهم في تكوين رأي عام خاطئ أو وهمي مشيرا الى أهمية دور الجهات المعنية بالحكومة في المسؤولية التوعوية والرقابة والمحاسبة.
من جهته قال مدير شبكة كويت نيوز الالكترونية عبدالله بوفتين ل(كونا) إن "الكيانين الرقمي والتقليدي يكملان بعضهما في عملية التحول الإعلامي الرقمي التي انطلقت من شارع الصحافة العريق في الكويت وتحولت بيئة العمل إلى مساحة إبداعية جاذبة لصناع المحتوى من الجيل الجديد من الصحافيين".
وأوضح أن الدور الإعلامي لدى القطاع الخاص يقوم على دراسة المتغيرات واستيعاب المستجدات اليومية التي تطرأ في المجال ومواكبة صناعة المحتوى والتفاعل معهم والتعامل مع التحديات التي تواجه الصحافة الورقية والإعلام التقليدي الذي يمر بأصعب فتراته في الكويت والعالم.
وأكد بوفتين أن التحول الاعلامي الرقمي أصبح أمرا واقعا على أعرق الصحف والمؤسسات الإعلامية العالمية ومنهم من نجح في التحول التدريجي ومخاطبة جيل جديد من القراء والمتابعين ومنهم من يعاني في محاولات متكررة لم يكتب لها النجاح.
ودعا بوفتين الجهات المعنية بالقطاع الحكومي إلى التفاعل مع تجارب القطاع الخاص واستمرار الدعم من خلال احتضان صناع المحتوى المتجددين وتسهيل إجراءات المشروعات المشتركة بين القطاعين إذ تمتلك الدولة الموارد المالية التي تمكنها من دعم استمرارية القطاع الخاص.
وردا على سؤال حول جودة المواد الاعلامية قال بوفتين إن تقديم المادة الإعلامية لم يعد مقصورا على المنصات والصحف مبينا أن صناع المحتوى على اختلاف محتواهم أفراد ومؤسسات أصبحوا منافسين حقيقيين للمؤسسات التقليدية والعريقة.
وذكر أنه "مع هذا الازدحام الكبير في المواد الاعلامية هناك محتوى راقي وهناك محتوى لا يمت للصحافة المهنية بصلة" ويسعى بشكل أساسي لزيادة المشاهدات والسبق الصحفي ويبتعد عن الأخلاقيات والمصداقية والمسؤولية المجتمعية.
وأشار بوفتين إلى أن الغالبية من المنصات الإعلامية تكتفي بإعادة تدوير الخبر ونشر المحتوى الجاهز والاعتماد على وكالات الأنباء والمصادر الرسمية دون محاولة صناعة المادة الإعلامية.
وأكد أن التأثير على الرأي العام وصناع القرار لم يعد مقصورا على نقل الخبر أو صياغته فتنوع المحتوى المصنوع من أخبار إلى تقارير إخبارية وحصرية وتغطيات إعلانية تجارية وبودكاست ومقابلات كلها تشكل الرأي العام وتأثر عليه لكن المتلقي الواعي يستطيع التفريق بين المحتوى الرديء والمحتوى الجيد.
وأوضح بوفتين أن "المحتوى الهابط كالفضائح والتنمر" على فئات من المجتمع وأشكالهم ولهجاتهم وأفكارهم قد يحصد تفاعلا كبيرا لكنه يتعارض مع "الإعلام الرزين" ورسالة الإعلام المجتمعية.
وفي حديثه عن التحديات التي تواجه التحول الرقمي أشار إلى أن أبرزها طغيان المحتوى الإعلاني والتجاري على المحتوى الصحفي الاستقصائي مشددا على الحاجة إلى "إعادة أحياء العمل الصحفي الحقيقي" وتأهيل جيل جديد من الصحفيين المهنيين من العاملين في الميدان وصناع الخبر والتحقيقات الصحفية والتمسك بأسس وأخلاقيات العمل الصحفي الحقيقي.
وذكر بوفتين أن من أبرز مميزات التحول الرقمي ظهور جيل من "الصحفيين الشاملين" الذي يصنعون أخبارهم وتحقيقاتهم وتقاريرهم بأنفسهم وتجدد وجوه صناع المحتوى الشباب وتنوع رسائلهم وأساليبهم مؤكدا أنه مع بيئة العمل والحرية الصحافية والبرامج التدريبة الصحفية قد ينجح التحول الرقمي دون المساس بأصل ورسالة العمل الصحفي.